للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

قَالَ: "وِإِنْ اغْتَصَبَهَا بَعْدَ القَبْضِ فَوَطِئَهَا فَهِيَ بِحَالِهَا".

وهذا كما قال. إذا رهن جارية ثم أراد وطئها لا يخلو إما إن كانت مما يحبل مثلها أو لا يحبل [ق ١٨٣ ب] مثلها، فإن كانت ممن يحبل مثلها لا يحل له وطئها.

فإن قيل: لم لا تبيحون وطئها كما تبيحون سكنى الدار وركوب الدابة. قلنا: لأن الوطء فاتحة الاستهلاك بالاستيلاد فنظيره أن يجمل على الدابة ما يخشى به عطبها فلا يجوز ذلك له، وإن كانت ممن لا يحبل مثلها لصغر أو كبر فالمذهب أن لا يحل وطئها؛ لأن الفرق بين من يحبل ولا يحبل يتعذر فحسم الباب كما حرم الخمر للسكر وحرم مثلها لمثل هذا المعنى. وهذا اختيار ابن أبي هريرة -رحمه الله-.

وقال أبو إسحاق: يحل وطئها لأنه لا ضرر فيه. وهذا أقيس. وإذا منعنا الوطء لا يجوز أن يطأها دون الفرج وجهًا واحدًا؛ لأن ذلك يدعو إلى وطأها في الفرج فيمنع الإمساك ...... وقيل الأجنبية. ذكره في "الحاوي" فإن خالف ووطء لا حد عليه ولا مهر؛ لأنه صادف ملكه، ولو وجب المهر كان له فلا يجب له على نفسه شيء. ويفارق هذا إذا وطء أمة مكاتبة يلزمه المهر؛ لأن الرهن باقيه للراهن وله الانتفاع به مع استبقاء الرهن وهذا من المنافع، ومنافع مال المكاتب والمكاتبة يحول بينها وبين السيد وهي لهما بحكم عقد الكتابة، ولهذا يلزم المهر.

ثم لا يخلو إما أن تحبل أو لا تحبل، فإن لم تحبل لا يخلو [ق ١٨٤ أ] إما أن تكون ثيبًا فلا شيء، وإن كانت بكرًا يلزمه أرش نقص بذهاب البكارة، لأنه إتلاف جزء منها كأطرافها، وهو بالخيار بين أن يجعل ذلك رهنًا معها أو قصاصًا من الحق.

قال الشافعي رحمة الله عليه: "ولا أظن أحدًا يجعل ذلك رهنًا معها ولا يجعله قصاصًا عن الحق".

واعلم أن الشافعي رحمه الله تعالى أطلق لفظ القصاص في هذه المسألة ولم يرد به حقيقة القصاص؛ لأن حقيقته أن يكون لكل واحد من الغريمين في ذمة صاحبه دين فيتقاضيان إذا كان الدينان متجانسين، وليس في ذمة المرتهن هنا دين، وإنما الدينان جميعًا في ذمة الراهن، فمراد الشافعي بذكر لفظ القصاص إذا بعض الدين؛ لأن أرش الاقتصاص موجه على السيد والخيار إليه، فإن شاء أعطاه على جهة الرهن، وإن شاء أعطاه على جهة قضاء الدين إذا كان الدين حالاً، وإن كان مؤجلاً فالمرتهن مخير بين .............. على قبول المعجل على القول المشهور، وإن أحبلها بحقه نسبه والولد حر، وصارت أم ولد في حقه، وهل ينفذ إحياله في حق المرتهن فيخرج من الرهن الحكم فيه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>