لو رهن شاة فماتت فدفع الراهن جلدها هل يعود رهنًا؟ قال ابن خيران: يعود كالخمر إذا صارت خلًا. وقال [ق ٢١٦ ب] أبو إسحاق: لا تعود رهنًا؛ لأن الرهن استحدث ملكه عليه بصنعة فلا يعود رهنًا في الملك الجديد، وفي الخمر لا صنع له فيها يعودها خلًا، وإنما عاد ملكه المتقدم بنفسه فعاد بحقه من الرهن.
وقال أبو الطيب الساوي: قيل لأبي إسحاق: ما تقول في شاة ماتت فغصبها غاصب ودبغ جلدها، هل يملكه الغاصب أم لا؟ فقال: لا أقول إن الغاصب يملكها بما استحدثه من الدباغ. فقيل له: يلزمك أن تقول: الملك للغاصب؛ لأن عندك هذا ملك مستحدث يصنع من جهته كما قلت لا يعود الرهن إذا دبغه الراهن. فقال: الفرق أن فعل الغاصب لا حكم له؛ لأن يده ليس بحقٍ فوجوده وعدمه سواء. كما لو غصب من رجل كلبًا غير معلم وعلمه كان الأول أحق به، ولا حكم لفعل الغاصب فوجوده وعدمه سواء.
فقيل له: قد قال الشافعي: إذا تحجر مواتًا ولم يحيه فجاء رجل فأحياه فإحياء الملك للثاني دون الأول وإن كان يد الأول بحقٍ فقال يد المتحجر لم تستند إلى ملكٍ سابق، فلما وجد سبب الملك من الثاني أبطل يده ويد صاحب الشاة أسندن إلى ملك سابق، فكانت يده أقوى وكان أحق بالملك من الثاني.
قال أصحابنا: هذا الذي ذكره دليل عليه، وذلك أن يد الراهن مستندة إلى ملك سابق، فإذا عاد الملك ثبت أن الملك السابق [ق ٢١٧ أ] وقال أبو حنيفة: لا يزول ملك الراهن من الجلد بالموت، ولا يبطل حق المرتهن عن الجلد بالموت، وإذا دبغ فهو مرهون.
فرع آخر
لو كان له خمرة فأراقها فجمعها رجل آخر فصارت خلًا في يده، أو وهبت خمرًا من رجل فصارت خلًا في يد الموهوب له بعود الملك وفيه وجهان:
أحدهما: يعود إلى الأول؛ لأنه لابد للثاني عليها فإن يده لا تقر عليها فصار كما لو غصبها من الأول فصارت خلًا في يده تكون للمغصوب منه، وهذا ظاهر المذهب.
والثاني: يعود إلى الثاني؛ لأن الأول قد رفع يده عنه وقد حصل في يد الثاني، فإذا عاد ملكه كان صاحب اليد أولى به.
كما لو ماتت شاة فألقاها في مزبلة فجاء إنسان ودبغ جلدها كان له، وليس كمثله الغصب؛ لأن يد الثاني تعترض فلا تصير ملكًا له. وهكذا في جلد الميتة لو ألقاها صاحبها فجاء رجل وأخذ الجلد ودبغه كان له بخلاف ما لو غصبه، وهذا أصح عندي. ويد الثاني تثبت عليها حين رفع الأول يده، وهذا إذا حل له هذا الفعل لغرض صحيح،