برضاهما، وإن اختلفا نظر الحاكم فيه، فإن كان عدلًا ثقة أقره في يده، وإن كان فاسقًا انتزعه من يده. وكذلك المرتهن إذا كان الراهن نقله من يده ويرفعه إلى الحاكم حتى ينقله عنه إلى غيره، وإن وكل الراهن هذا العدل ببيعه إذا حل الحق جاز؛ لأنه لا حق له في هذا البيع.
فإن قيل: هلا قلتم إن هذه الوكالة لا تصح لأنها وكالة بصفة، كما لو قال: إذا قدم الحاج أو جاز رأس الشهر [ق ٢٢٧ أ] فقد وكلتك، فإن هذه وكالة باطلة. قلنا: في مسألتنا الوكالة مطلقة غير مؤقته، وإنما البيع فيها مؤقت فجاز بخلاف ذاك.
فإذا تقرر هذا، فإن اتفقا على عزله عن الوكالة جاز، وإن عزله أحدهما فإن كان هو الراهن انعزل؛ لأنه وكيله في البيع، وإن عزله المرتهن اختلف أصحابنا فيه؛ فمنهم من قال: ينعزل وهو المذهب؛ لأن الشافعي قال:
"جَازَ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَفْسَخَا أَوْ أَحَدُهُمًا"؛ لأن الوكالة متعلقة بحقهما فبطل رجوع كل واحد منهما.
وقال أبو إسحاق: لا ينعزل؛ لأن العدل وكيل الراهن في البيع دون المرتهن، ألا ترى أن الراهن لو انفرد عن المرتهن بالتوكيل صح، ولو انفرد المرتهن بالتوكيل في بيعه لم يصح إلا أن يدعي خيانة العدل ويقيم عليه البينة، فيكون له منعه من البيع. قال: وقول الشافعي:
"مَا لَمْ يَفْسَخَا أَوْ أَخَدُهُمَا" أراد ما لم يمنعه الراهن عنه بيعه؛ لأنه إن كان وكيل الراهن فلا يبيع إلا بإذن المرتهن.
وقال أبو حنيفة ومالك: ليس للراهن أن ينفرد بعزله؛ لأن هذه الوكالة صارت من حقوق الراهن فلم يكن للراهن إسقاطه. وهذا غلط؛ لأنها وكالة فكان للموكل فسخها كسائر الوكالات.
وأما ما ذكروا لا يصح؛ لأن الوكالة عقد بانفراده سوى الرهن كما لو باع شيئًا بشرط الرهن [ق ٢٢٧ ب] لا يقال العقد من حكم البيع وهو عقد آخر كذلك ههنا.
فإذا تقرر هذا، ينظر إذا حل الحق، فإن اتفقا على البيع جاز العدل أن يبيعه، وإن أذن له أحدهما، فإن أذن له الراهن به لم يكن له بيعه حتى يستأذن المرتهن؛ لأنه له فيه حقًا، وإن أذن له المرتهن به هل يحتاج إلى استئذان الراهن في البيع؟ وجهان:
قال أبو إسحاق: لا يحتاج إلى استئذان؛ لأنه قد وكله في البيع وأذن مرة فلا يحتاج إلى الإذن ثانيًا.
وقال ابن أبي هريرة: يلزمه أن يستأذنه؛ لأنه ربما كان له غرض فيه، وهو أن يقضي الحق من عنده ونقله من الراهن.