مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين الغني" فليس في هذا الحديث ذكر الثلاثة ولا ذكر الحمالة، والخبر الذي ذكر فيه الحمالة ما روي عن قبيصة بن المخارق أنه قال: فحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقال: "نؤديها عنك أو نخرجها عنك إذا قدم نعم الصدقة يا قبيصة" المسألة حرمت إلا في ثلاثٍ: رجلٍ تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك، ورجلٍ أصابته فاقة أو حاجة حتى شهد أو تكلم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه أن به فاقة أو حاجة فحلت له المسألة حتى يصيب سدادًا من عيش ثم يمسكه، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له الصدقة حتى يصيب سدادًا من عيش أقوامًا من عيش ثم يمسك. وما سوى ذلك [١٩/ ب] من المسألة فهو سحت. ففي هذا الخبر ذكر الحمالة وهي الضمان وليس فيه ذكر الغني وتحليل الصدقة له، فدل على أن المزني غلط وخلط أحد الحديثين بالآخر.
فإذا تقرر هذا فالضمان يفتقر إلى ثلاثٍة: ضامن ومضمونٍ له ومضمون عنه، كالحوالة تفتقر إلى محيل ومحتالٍ ومحيل عليه، فإذا ضمن عن رجل مالًا فهل يفتقر إلى معرفة المضمون له والمضمون عنه. قال ابن سريج: فيه ثلاثة أوجهٍ:
أحدهما: أنه يجوز وإن لم يعرفهما وصورته: رجل غريب حكي له أن لعمرٍو على زيد ألف درهمٍ وهو لا يعرف واحدًا منهما فقال: أنا ضامن لعمرٍو عن زيد ذلك، وهذا لأن التزاما على طريق الوثيقة فصار كالتزام الشهادة لا يفتقر إلى معرفة الشهود له والمشهود عليه، ولأن خبر على بن أبي طالب وأبي قتادة رضي الله عنهما يدل على هذا لأنهما لم يعرفا ذلك.
والثاني: لا يجوز حتى يعرفهما لأنه لا بد من الدفع إلى المضمون له فيحتاج أن يعرفه أنه سهل المعاملة أو بخلاف ذلك من الرجوع على المضمون عنه فيحتاج أن يعرفه ليعلم أنه يؤدي ما عليه أو لا يؤدي.
والثالث: لا بد من معرفة المضمون له لأنه إثبات مالٍ له بالعقد ولا يحتاج إلى معرفة المضمون عنه لأنه لا معاملة بينهما إذا ضمن بغير إذنه ولا رجوع عليه، وهذا ظاهر مذهب الشافعي لأنه قال في اختلاف العراقيين: ولو ضمن دين الميت بعدما يعرفه ويعرف لمن هو فالضمان لازم. ونقل المزني منه إلى المختصر فشرط معرفة مقدار المال ومعرفة المضمون له وحده.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا يختلف المذهب أن معرفة المضمون عنه شرط وفي المضمون له وجهان ظاهر الخبرين أنه ليس بشرط لأنهما لم يقولا وأنا ضامن