للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو اختيار الإصطخري وابن أبي هريرة، وعلى هذا لو قال الموكل: كل ما أقر به الوكيل علي فهو صادق فيه لم يلزمه ما أقر به الوكيل للجهالة. ومن أصحابنا من قال: يصح مطلقًا فما صح عنده أنه يجب عليه فإنه يقر به ويحكم عليه بذلك، ووجهته أنه لما صح أن يقر بمعلوم ومجهول ويرجع في تفسيره إليه كذلك يصح أن يوكل فيهما.

وقال صاحب "الإفصاح": إذا قال: أقر عني لفلان بمائة دينار يحتمل أن يقال: إن ذلك إقرار منه ويحتمل أن لا يكون إقرارًا منه، لأنه ليس بصريح ولأن الإقرار أن يخبر عن نفسه، فأما إذا أمر غيره بالإخبار عنه فإنه لا يكون إقرارًا. فأما إذا قال: أقر عني لفلان ولم يبين ما يقر به لا يكون إقرارًا منه، ومن أصحابنا من قال: يحتمل أن يكون ذلك إقرارًا منه ويرجع في تفسيره إليه فحصل في هذه المسألة خمسة طرق:

أحدها: أن التوكيل بالإقرار لا يصح ولا يكون إقرارًا من جهته وهو اختيار أبي إسحاق وابن سريج.

والثاني لا يصح التوكيل به ولكن يكون إقرارًا من جهته إن كان وكله بالإقرار بمال معلوم، وإن وكله بالإقرار بالمجهول لم يكن إقرارًا منه وهو اختيار صاحب "الإفصاح".

والثالث: يستوي المعلوم والمجهول ويكون إقرارًا من جهته ويرجع في المجهول إلى تفسيره.

والرابع: يصح التوكيل بالمعلوم وإذا أقر عليه الوكيل لزمه ولا يصح التوكيل بالمجهول.

والخامس: يجوز التوكيل بالمعلوم والمجهول، وأما إذا قال: أقر عني لفلان بألف درهم علي أو قال: فإنه واجب علي فهذا إقرار منه لا يختلف أصحابنا فيه. وإن وكله مطلقًا بالخصومة لا يملك الإقرار عنه ولا الإبراء ولا الصلح ولا قبض الحق، لأنه ما وكله فيه والخصومة ضد هذه الأشياء، وبه قال مالك وابن أبي ليلى وزفر. وقال أبو حنيفة ومحمد: يقبل إقراره على موكله في مجلس الحكم دون غيره. وعن أبي يوسف [٦٨ / ب] روايتان: إحداهما: مثل قولنا. والثاني: يملكه في مجلس الحكم وغيره.

فرع

لو وكله في الإبراء فإن لم يذكر المبرأ ولا القدر لا يصح التوكيل. وإن ذكر محت الوكالة ولا يبرأ ما لم يبرئه الوكيل وجهًا واحدًا وهذا لأن الإبراء إن كان هبة فالتوكيل في الهبة يجوز كالطلاق وفيه وجه آخر يجوز مطلقا وإن لم يذكر القدر.

فرع آخر

لو وكله في إبراء نفسه من حق موكله لم يجز لأنه يصير نائبًا لنفسه. وفيه وجه آخر يجوز كما لو قال لها: طلقي نفسك وهذا هو المذهب لأنه إسقاط حق وليس بعقد وكالة ولهذا يحتاج أن يبرئ نفسه في الحال، وإن أخره لم يصح ولا فرق بين أن يقول: أمرتك أن تبرئ نفسك من الدين الذي عليه، أو وكلتك أن تبرئ غرمائي وتبرئ

<<  <  ج: ص:  >  >>