للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الألف فكذلك ههنا، والثاني: وهو اختيار أبي إسحاق لا يصح هذا التفسير ويقال له: فسره بألفٍ يمكن أن يستثنى به بمقدار درهم لأن الإقرار بالألف والاستثناء قد صح فلا يجوز إبطال الاستثناء، وليس كذلك إذا قال: له ألف درهم إلا ألف درهم فإن الاستثناء لم يصح فألزمناه ما أقر به. والأول أصح لأنه لما فسره بالألف الذي لا يمكن أن يستثنى منه الدرهم وأخبر أنه أراد بالألف المطلق تبينا أن استثناؤه كان باطلا. ولأنا إنما نطالبه بنفسه ما أراده بالألف المطلق ولا نجعله إلى اختياره، وإذا كان كذلك لم يكن لأمرنا إياه بتفسير آخر معنى وهو اختيار ابن أبي هريرة فإن امتنع من بيانه هل يجعل كالناكل أو يحبس؟ ذكرنا وجهين.

فرع آخر

لو استثنى مجهولاً من معلوم مثل أن يقول: له عليَ ألف درهم إلا ثوبا صح ذلك. وكذلك إذا قال: إلا عبداً لأنه يحتمل أن يكون أتلف عليه ثوباً أو عبداً فيكون قيمته مستثناه من الألف فيقال له: بيّن قيمته فإن بينه بما يبقى بعد القيمة من الألف شي، قُبل منه ولا يصير الألف عبيداً خلافاً لمحمد رحمه اللهء وعند أبي حنيفة إذا قال: عليّ ألف إلا درهماً يصير الألف كلها دراهم لاستثناء الدرهم منها ووافقنا إذا قال: إلا عبداً.

فرع آخر

لو قال: علي ألف إلا خمسين درهما كان الدرهم تفسيراً للخمسين المستثناه دون الألف بخلاف ما لو قال: ألف وخمسون درهماً لأن هاهنا عطف جملةٍ على جملةٍ، فإذا أتى بالتفسير كان تفسيرا لهما، وإذا قال: إلا خمسين هو استثناء وليس بعطف فلم يكن الدرهم تفسيراً [١٠٩/ أ] بل كان تفسيراً للاستثناء فحسب والحكم على ما ذكرنا.

فرع آخر

لو كان الاستثناء مجهولاً والمستثنى منه مجهولاً أيضا مثل إن قال: عليّ ألف إلا شيئاً يرجع في تفسيرهما إليه ويحتاج أن يبين بما يبقى شيء وإن قل. ولو قال: عليّ ألف درهم إلا شيء يرجع في تفسير الشيء إليه والحكم ما ذكرنا.

وقال أبو حنيفة: إذا قال: عليّ ألف درهم إلا شيء ينبغي أن يفسر الشيء بأقل من نصف الألف، فأما بأكثره فلا يقبل. فإن قال قائلٌ: كيف نقبل منه التفسير المنفصل عن اللفظ في هذه المسألة ونظائرها؟ وقلتم اتصال الاستثناء شرط. قلنا: ليس أمل الاستثناء كالتفسير لأن الاستثناء لفظ ظاهره الإسقاط فإذا اتصل جعل منعاً لابتداء الوجوب إذ الكلام بآخرهء وإذا انفصل تمحض ابتداء إسقاط فكان مردودا. فأما اللفظ المجمل فيجوز أن يتراخى تفسيره عن وقت وروده كألفاظ الشريعة. وعلى هذا قال أصحابنا: لو فسر المجمل تفسيراً غير مقبول فأراد أن يستأنف تفسيراً آخر كان ممكناً منه، ولو وصل بالأمل استثناء يرفع الجميع ثم أردنا لما بطل استثناؤه أن يستثنى مرة أخرى لم يمكّن منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>