للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إسحاق: هذا هو القول الذي قطع به الشافعي ورد من خالفه فيه والآخر حكاية مذهب أهل العراق.

وقال أبو حامد: نص الشافعي على بطلانه في "الإملاء" وأملى في "الأم" إلى قولين والصحيح جوازه وبه قال الحسن وعمر بن عبا العزيز وأبو ثور وأبو عبيد. وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد: لا يصح إقراره له وهذا غلط لأن من صح إقراره بوارثٍ صح إقراره لوارث كالصحيح ولا يلزم المحجور عليه لسفه لأن من أصحابنا من قال: لا يصح إقراره بالوارث لأنه يوجب الإنفاق عليه. وحكى أصحاب مالك أنه إن كان متهماً فيه لم يقبل، وان كان لا يتهم قٌبل، وهذا غلط لأن المريض غير متهم فإن حالة المرض وقت التوبة والإنابة إلى الله تعالى ولهذا يقبل إقراره بوارث وإن كان متهماً.

فرع

إذا قلنا: يصح إقراره للوارث لا فرق بين أن يكون حين الإقرار وحين الوفاة وارثا أو حين الإقرار وارثاً، وحين الوفاة غير وارث أو حين الإقرار غير وارث، وحين الوفاة وارثا. وإذا قلنا: لا يصح إقراره للوارث فالاعتبار بحال الوفاة فإن كان حين الوفاة وارثاً فالإقرار باطل سواء كان حين الإقرار وارثا أو غير وارث، وان كان حين الوفاة غير وارث فالإقرار صحيح سواء كان حين الإقرار وارثاً أو غير وارث فلو أقر لأخيه وله ابن ثم مات ابنه قبل موته بطل إقراره لأخيه [١١٥ /ب] لأنه وارث حين الموت، ولو أقر لأخيه وليس له ابن فولد له ابن قبل الموت حجب الأخ وصح إقراره له لأنه حين الموت غير وارث، ولو أقر لأجنبية ثم تزوج بها ثم مات وكان الكل في مرضه كان إقراره باطلا لأنها وارثة حين الوفاة وبه قال أبو حنيفة ومالك وهذا لأن ما يرد لأجل الورثة يعتبر فيه حال الموت كالوصية فإنه لو أوصى بثلثه وثلثه درهم ثم زاد ماله وصار ثلثه ألفاً تلزم الوصية من ألف.

وقال القاضي الطبري: قال أبو إسحاق: من منع الإقرار للوارث قال: إذا أقر لمن لم يكن وارثا ثم صار وارثاً جاز لأنه أقر له ولا تهمة عليه في هذا الإقرار ومصيره وارثا بعده لا صنع له فيه وإنما هو أمر من السماء والتهمة ههنا مرتفعة فيكون سبيله سبيل الأجنبي كما قالوا: إن المطلقة الثلاث في المرض تورث للتهمة فلو قال لها: أنت طالق إن قدم زيداً وطلقها بوصف فصادف ذلك مرضه الذي مات فيه لا ترث لأنه لا تهمة كذلك ههنا فعلى هذا جواب ما ذكرنا من المسائل على العكس.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان: أحدهما: قاله في "القديم": يعتبر كونه وارثاً وغير وارث يوم الإقرار، وقال في "الجديد": يعتبر يوم الموت، وقال القفال في "شرح التلخيص ": قوله القديم أصح عندي وهذا غريب لم يذكره أهل العراق. وذكروا هذا المذهب عن عثمان البتي وابن أبي ليلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>