إذا مات رب المال فأذن الورثة للعامل بالمقام على القراض وهم يجهلون قدر المال فيه وجهان مخرجان الأول: لا يجوز لأنه معقود بمال مجهول، والثاني: يجوز لأنه مبتدئ بعقد صحيح ولو مات العامل فأذن رب المال لوارثه بالمقام على القراض وكانا جاهلين بقدر المال لم يجز وجهاً واحداً، والفرق أن المقصود في القراض المال من جهة ربه والعمل من جهة العامل فإذا مات رب المال كان المقصود من الأمرين باقياً فجاز استصحاب العقد المتقدم لبقاء مقصوديه ولم يبطل لحدوث الجهالة فيه وفي موت العامل فقد أحد المقصودين فلا يمكن استصحاب العقد المتقدم فبطل بحدوث الجهالة فيه.
فرع آخر
قد ذكرنا أنه إذا مات رب المال والمال عروض عند موته يجوز للعامل بيعه من غير إذن الورثة، وإن مات العامل لا يجوز لوارثه أن يبيع العروض قولا واحداً، والفرق أن رب المال رضي بتصرف العامل فثبت ذلك في حق وارثه ولم يرض بتصرف ورثة العامل ولم يأتمنهم على ذلك فلا يجوز لهم أن يتصرفوا فعلى هذا لا يبيع وارث العامل حتى يأذن رب المال به أو يرفعه إلى الحاكم ليأمر ببيعه، وقال بعض أصحابنا: لا فرق بينهما وليس للعامل أن يبيع أيضا بعد موت رب المال ولا يلزم وارث رب المال أن يمكنه من الانفراد [٢٤/ أ] ببيعه ولا يلزم حكم أمانة مورثه، ولهذا لو كان لمورثه وديعة ولم يعلمه المودع فمن، وان كان المالك رضي بأمانته فعلى هذا للوارث أن يمكنه من البيع ويمنعه من قبض الثمن أو يسأل الحاكم أن يأمر من بيعه لأن غرضه تحصيل ربح إن كان فيه دون استحقاقه البيع وهذا حسن.
فرع آخر
لو كان الوارث صغيراً وبطل القراض بموت مورثه يرفع الأمر إلى القاضي حتى يقيم قيَماً للصبي يقاسمه، وكذلك إن كان الوارث بالغاً ولكن على الميت دين أو وصية لا يترك العامل على القراض الأول بل يقاسم حتى يقضي الدين وينفذ الوصية.
فرع آخر
لو كان الميت رب المال ولم يجدد القراض تباع جميع الأعيان للمقاسمة من ثياب أو أداة سفرٍ وغير ذلك مما قل أو كثر، وقال مالك: لا يباع الميزان والسفرة والكيل ونحو ذلك وهما للمالك دون العامل وبني ذلك على عادة الناس وهذا غلط لأنها مشتراة بمال القراض فيباع كغير ذلك.
مسألة: قال: "وإن قارضَ العاملُ بالمالِ آخرَ بغيرِ إذنِ صاحبه".