قال في الحاوي: وهذا كما قال: جملة ذلك أن الناس على ثلاثة أضرب: النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته، وسائر الناس.
فأما النبي صلى الله عليه وسلم: فكانت الصدقة المفروضة محرمة عليه بدليل قوله عليه السلام: "إنَّا أهل بيت لا يحل لنا الصدقة"، وروى أنه عليه السلام رأى غرة ملقاة فقال:"لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها".ولأن الصدقات أوساخ الناس، وما كان من أوساخ الناس فإن النبي صلى الله عليه وسلم منزه عنه.
وأما صدقة التطوع، فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبلها. وروي أن سلمان الفارسي حمل إليه تمرًا من طبق فقال:"ما هذا" قال: صدقة فرده، ثم حمل إلي يومًا آخر مثل ذلك، فقال:"ما هذا" قال: هدية فقبله، وروي أنه صلى الله عليه وسلم أكل من لحم تصدق به على بريرة وقال:"هو لها صدقة ولنا هدية" وهل كان ذلك الامتناع لأجل التحريم أو لأجل الاستحباب؟ فيه قولان:
أحدهما: لأجل التحريم، لأنه رد الصدقة على سلمان، ولو لم تكن محرمة عليه لما ردها ولكان يطيب قلبه بقبولها والذي يدل على ذلك أنه قال للصعب بن جثامة لما رد