والثاني: جائز والفرق بين أن يقفها على مرتد فيجوز وبين أن يقفها على من ارتد فلا يجوز من وجهين:
أحدهما: أن الوقف على من ارتد, وقف على الردة، والردة معصية، والوقف على رجل هو مرتد ليس بوقف على الردة فلم يكن وقفاً على معصية.
والثاني: في الوقف على من ارتد إغراء بالدخول في الردة, وليس في الوقف على مرتد إغراء بالدخول في الردة، لأن غيره لو ارتد لم يكن له في الوقف حق، وفي المسألة الأولى لكل من دخل في الردة إن لو صح الوقف.
فأما إذا وقفها على مسلم وارتا عن الإسلام فالوقف صحيح وأبطله أهل العراق، وهذا خطأ, لأن أملاك المسلمين لا يبطل بالردة فصار الوقف على المرتد ينقسم على هذه الأقسام الثلاثة:
باطل: وهو أن ينفقه على من ارتد.
وجائز: وهو أن ينفقه على مسلم. فيرتد.
ومختلف فيه: وهو أن يقفه على رجل مرتد.
فأما الوقف على اليهود والنصارى فجائز سواء كان الواقف مسلماً أو غير مسلم، لأن الصدقة عليهم بجائزة وان منعوا المفروض منها، فلو وقف على رجل ليحج عنه ولا يكون وقفا على نفسه، لأنه لا يملك شيئا من غلته، فلو ارتد عن الإسلام لم يجز أن يصرف الوقف والحج عنه لأن الحج عن المرتد لا يصح وصرف في الفقراء والمساكين، فإن عاد إلى الإسلام أعيد الوقف إلى الحج عنه, ولو وقفها في الجهاد عنه جاز, فلو ارتد الواقف عن الإسلام كان الوقف على حاله مصروفا في المجاهدين عنه، والفرق بين الحج والجهاد أن المرتد لا يصح منه الحج ويصح منه الجهاد، فأما الوقف على الكنائس والبيع فباطل سواء كان الواقف مسلماً أو ذمياً, لأنها موضوعة للاجتماع على معصية، ولوقف داراً ليسكنها فقراء اليهود ومساكينهم، فإن جعل للفقراء المسلمين ومساكينهم فيها حظاً جاز الوقف، وان جعلها مخصوصة بالفقراء اليهود ففي صحة وقفها وجهان:
أحدهما: جائز كالوقف على فقرائهم.
والثاني: لا يجوز لأنهم إذا انفردوا بسكناها صارت كبيعهم وكنائسهم, فأما الوقف على كتب التوراة والإنجيل فباطل، لأنها مبدلة, فصار وقف على معصية, وكان بعض أصحابنا يعلل بطلان الوقف عليها بأنها كتب قد نسخت وهذا تعليل فاسد لأن تلاوة النسوخ من كتب الله تعالى وآياته خطأ ليس بمعصية ألا ترى أن في القرآن منسوخاً يتلى ويكتب كغير المنسوخ، فهذا حكم الشرط الرابع وما يتف ع عليه.
فصل:
والشرط الخامس: أن لا يعود الوقف عليه ولا شيء منه، وان وقفه على نفسه لم