للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستأجر وما استأجره كما لو مات العبد أو انهدمت الدار، ثم للمستأجر أن يرجع بالأجرة كلها.

والثاني: أن يكون بعد مضي بعض المدة، كأنه مضى من المدة نصفها، وبقي نصفها، فالإجارة فيما بقي منها باطلة ثم مذهب الشافعي رضي الله عنه جوازها فيما مضى، ومن أصحابنا من خرج قولًا ثانيًا أنها باطلة فيما مضى لبطلانها فيما بقي جمعًا للصفقة ومنعًا من تفريقها في الحكم وهو تخريج فاسد لما تقدم من تعليل فساده.

فإذا قيل بهذا التخريج في بطلان ما مضى وما بقي رجع المستأجر بجميع المسمى ورجع المؤجر بأجرة مثل ما مضى وإذا قيل: بصحتها فيما مضى، وأن تبطل فيما بقي فالمذهب لزومه وسقوط خيار المستأجر فيه، فعلى هذا يقيم عليه بقسطه من الأجرة، وفيه وجه آخر أن له فيه الخيار لما حدث من تفريق الصفقة بين المقام أو الفسخ. فإن فسخ التزم أجرة مثل ما مضى ورجع بالمسمى، وإن أقام فأصح القولين أنه يقيم بقسطه من الأجرة، والثاني: وهو مخرج أنه يقيم بكل الأجرة وإلا فسخ.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضٌ وَلَمْ يَزْرَعْ فَرَبُّ الزِّرْعِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الْكِرَاءِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تُسَلَّمْ لَهُ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَ زَرَعَ بَطُلَ عَنْهُ مَا تَلِفَ وَلَزِمَهُ حِصَّةُ مَا زَرَعَ مِنَ الْكِرَاءِ وَكَذَا إِذَا جَمَعَتِ الصَّفْقَةُ مِائَةَ صَاعٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَتَلِفَ خَمْسُونَ صَاعًا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَاخُذَ الْخَمْسِينَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ كُلَّ مَا اشْتَرَى وَكَذَلِكَ لَوِ اكْتَرَى دَارًا فَانْهَدَمَ بَعْضُهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مِنْهَا مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الْكِرَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَا يَتَبَعَّضُ مِنْ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ مَا هُوَ غَيْرُ مَعِيبٍ وَالْمَسْكَنُ يَتَبَعَّضُ مِنَ الْمَسْكَنِ مِنَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ كَذَلِك".

قال في الحاوي: وصورتها في رجل استأجر أرضًا فغرق السيل بعضها وبقي بعضها، فالإجارة في الذي غرق منها باطلة ثم المذهب أنها في الباقي منها جائزة وهو بالخيار في فسخ الإجارة فيه أو أخذه بقسطه من الأجرة لتقسيط الأجرة على أجزاء الأرض كتقسيط ثمن الصبرة على أجزاء الصبرة، وليس كالعبد الذي إذا قطعت يده لم يقسط عليه الثمن، كان ذلك عيبًا يوجب خيار المشتري في أخذه بجميع الثمن، أو فسخ البيع فيه، وقد خرج قول أن الإجارة باطلة فيما بقي لبطلانها فيما غرق، ويمنع المستأجر من زرع الباقي، فإن زرعه ضمن أجرة مثله دون المسمى وليس بصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>