للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما استدلالهم بأن البينات في الأصول مختلفة فصحيح وليس من جميعها بينة تكون بمجرد الصفة ولا يكون تعذر البينة موجبًا أن تكون الصفة بينة ألا ترى أن السارق تتعذر إقامة البينة عليه ولا يكون صفة ما بيده لمدعي سرقته حجة.

فصل: فإذا ثبت أن دفعها بالصفة لا يجب فدفعها بالصفة وسعة ذلك إذا لم يقع في نفسه كذبه فإن أقام غيره البينة عليها بشاهدين أو شاهد وامرأتين أو شاهد ويمين كان مقيم البينة أحق بها من الآخذ لها بالصفة فإن كانت باقية في يد الواصف لها انتزعت منه لمقيم البينة وإن كان قد استهلكها نظر في الدافع لها فإن كان قد دفعها بحكم حاكم رأى ذلك مذهبًا فلا ضمان على الدافع ورجع مقيم البينة بغرمها على الآخذ لها بالصفة وإن كان قد دفعها بغير حكم حاكم فلصاحب البينة الخيار في الرجوع بغرمها على من شاء من الدافع الملتقط أو الآخذ الواصف فإن رجع بها على الآخذ لها بالصفة فله ذلك لضمانه لها باليد واستحقاق غرمها بالإتلاف وقد برئ الدافع لها من الضمان لوصول الغرم إلى مستحقه وليس للغارم أن يرجع بما غرمه على الدافع لأنه إن كان مستحقًا عليه فمن وجب عليه حتى لم يرجع به على أحد وإن كان مظلومًا به فالمظلوم بالشيء لا يجوز أن يرجع به على غير ظالمه وإن رجع مقيم البينة بغرمها على الدافع الملتقط نظر في الدافع فإن كان قد صدق الواصف لها على ملكها وأكذب الشهود لصاحب البينة عليها فليس له الرجوع بغرمها على الآخذ لها بالصفة لأنه مقر أنه مظلوم بالمأخوذ منه فلا يرجع به على غير من ظلمه وإن لم يكن قد صدق الواصف ولا أكذب الشهود فله الرجوع بالغرم على الأخذ لها بالصفة لضمانه لها بالاستهلاك فتكون البينة موجبة عليه وله.

المسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «وَإِنْ كَانَتْ اللَّقَطَةُ طَعَامًا رَطِبًا لَا يَبْقَى فَلَهُ أَنْ يَاكُلَهُ إِذَا خَافَ فَسَادَهُ وَيُغْرِمَهُ لِرَبِّهِ. وَقَالَ فِيمَا وَصَفَهُ بِخَطِّهِ: لَا أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ إِذَا خَافَ فَسَادَهُ أَحْبَبْتُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُقِيمَ عَلَى تَعْرِيفِهِ. قَالَ المُزَنِيُّ: هَذاَ أَوْلَى القَوْلَيْنِ بِهِ لأَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْ لِلْمُلْتَقِطِ شَانُكَ بِهَا إِلَّا بَعْدَ سَنَةٍ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ مَهْلَكَةً كَالشَّاةِ فَيَكُونُ لَهُ أَكْلُهُ وَيَغْرِمُهُ إِذا جَاءَ صَاحِبُهُ».

قال في الحاوية: أما الطعام الرطب فضربان:

أحدهما: أن يكون مما ييبس فيبقى كالرطب الذي يصير خمرًا والعنب الذي يصير زبيبًا فهذا حكمه حكم غير الطعام في وجوب تعريفه واستبقائه فإن احتاج تجفيفه إلى مؤنة كانت على مالكه ويفعل الحاكم احظ المرين للمالك من بيعه أو الإنفاق عليه.

والثاني: أن يكون مما لا يبقى كالطعام الذي يفسد بالإمساك كالهريسة والفواكه والبقول التي لا تبقى على الأيام فقد حكي المزني عن الشافعي ها هنا انه قال في موضع

<<  <  ج: ص:  >  >>