للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس، فدل أن المراد به الزوال، ولأن اسم الدلوك يقع على الزوال على ما ذكرنا عن الصحابة، وهم أهل اللسان، ويقع على الغروب على ما ذكرنا، [٣ ب/ ٢] وذلك لأن الدلوك: الانتقال والتحول، وهو حاصل فيهما، ولكن حمل الآية على الزوال أولى، لأن ذلك ينتظم جميع الصلوات، ولأنه أسبق، فانصرف إليه الأمر.

وذكر أبو جعفر الراسي في المواقيت، قبل أن ينتهي طول النهار بستة وعشرين يوماً لايكون للشخص في مكة ظل. وكذلك بعدما انتهى بستة وعشرين يوماً، وهذا غريب. وأما قبل الزوال، لا يجوز استفتاح صلاة الظهر بحال. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما رواية ضعيفة، أنه يجوز استفتاحها قبل الزوال بقليل، وهذا غلط لما ذكرنا من الخبر. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للصلاة أولاً وآخراً، وأول وقت الظهر إذا زالت الشمس".

وقال مالك: يؤخر استفتاحها بعد الزوال حتى يصير الفيء قدر ذراع، وهذا غلط لقوله تعالى: "أقم الصلاة لدلوك الشمس" [الإسراء: ٧٨]، فاعتبر الزوال وحده.

وروي أن جبريل عليه الصلاة والسلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقت الزوال، وقال: قم يا محمد فصل الظهر، فإذا تقرر هذا، فاعلم أنه يسهل معرفة ذلك إذا كانت الشمس طالعة، والسماء صاحية، فإن كانت السماء مغيمة، قال الشافعي: راعي الشمس فإنه نزوله منها ما يدله وإلا تأخر حتى يرى أنه قد صلاها بعد الوقت، واحتاط بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف دخول وقت العصر، وهذا صحيح، فيقول: إذا كانت السماء مغيمة راعى قرص الشمس، فإن بانت له من وراء الغيم تحمل على ما يدله عليه وإن لم يرها تجري في ذلك، واستدل على دخول الوقت بعمل أو قرئ أو قراءة قرآن ونحو ذلك، فإذا غلبه على ظنه دخول الوقت بشيء من ذلك عمل عليه.

وأحب الشافعي أن يؤخرها إلى أن يخاف خروج الوقت، فإذا صلى بذلك نظر فإن لم ينكشف الأمر بذلك، كانت الصلاة مجزية، وإن انكشف الأمر بظهور الشمس، فإن بان أنه فعلها قبل الوقت لم تجزه، وإن بان أنه فعلها في الوقت أجزأته، [٤ أ/ ٢] وإن كان فعلها بعد خروج الوقت أجزأته، هذا يدل على أن نية القضاء لا تجب، لأنه اعتقدها أداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>