واللهو أعطاه أيهما شعاء فإن لم يصلح الذي للهو إلا للضرب لم يكن لهم أن يعطوه إلا الذي للحرب».
قال في الحاوي: وأصل هذه المسائل أن الوصية بما لا منفعة فيه باطلة والوصية بما فيه على ثلاثة أضرب. منفعة مباحة، ومنفعة محظورة ومنفعة مشتركة بين الحظر والإباحة. فإن كانت المنفعة مباحة، جاز بيع ذلك، والوصية به. وإن كانت المنفعة محظورة: لم يجز بيعه ولا الوصية به. وإن كانت مشتركة: جاز بيعه والوصية به لأجل الإباحة، ونهي عن استعماله في الحظر. فإذا ثبت هذا: وأوصى له بطبل من طبوله، فإن لم يكن له إلا طبول الحرب، فالوصية به جائزة، لأن طبل الحرب مباح، ثم ينظر، فإن كان اسم الطبل ينطلق عليه بغير جلد، دفع إليه الطبل بغير الجلد. وإن كان لا ينطلق عليه الاسم إلا بالجلد: دفع إليه مع جلده. وإن كانت طبوله كلها طبول اللهو، فإن كانت لا تصلح إلا للهو فالوصية باطلة، لأن طبول اللهو محظورة. وإن كانت تصلح لغير اللهو في غير المنافع المباحة جازت الوصية بها. وإن كانت طبوله نوعين: طبول حرب، وطبول اللهو، فإن كانت طبول اللهو، لا تصلح لغير اللهو، لم يعط إلا طبل الحرب. وإن كانت طبول اللهو: تصلح لغيره من المباحات، كان الوارث بالخيار في إعطائه ما شاء من طبل لهو، أو حرب، لانطلاق الاسم عليها. إلا أن يدل كلامه على أحدهما، فيحمل عليه كقوله: أعطوه طبلًا للجهاد، أو الإرهاب، فلا يعطي إلا طبل الحرب. وإن قال طبلًا للفرح، والسرور: لم يعط إلا طبل اللهو. فأما الوصية بالدف العربي، فجائزة لورود الشرع بإباحة الضرب به في المناكح، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ولو قال أعطوه عودًا منعيداني وله عيدان يضرب بها وعيدان قسي وعصي فالعود الذي يواجه به المتكلم هو الذي يضرب به فإن صلح لغير الضرب جاز بلا وتر».
قال في الحاوي: وهذا صحيح. إذا قال: أعطوه عودًا من عيداني، فمطلق هذا الاسم يتناول عيدان الضرب واللهو وعيدان القسي، والعصي فإن كان عود الضرب لا يصلح لغير الضرب واللهو، فالوصية به باطلة وإن كان لا يصلح لغير اللهو فالوصية به جائزة، ويعطي بغير وتر، لانطلاق الاسم عليه، وإن لم يكن عليه وتر ينظر. فإن كان لا يصلح لغير اللهو إلا بعد تفصيله وتخليعه، فصل وخلع، ثم دفع إليه. وإن كان يصلح لغير اللهو: لم يفصل: ودفع إليه غير مفصل.