للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن لم يسقطوا بالأولاد، كالأخوة والأعمام، عتق هو والأولاد، ولم يرثوا، لأن توريثهم مخرج لقابل الوصية من الميراث، وخروجهم من الميراث: يبطل قبولهم للوصية، وبطلان الوصية موجب لرق الأولاد، وسقوط ميراثهم. فلما أفضي توريثهم إلى رقهم وسقوط ميراثهم منعوا الميراث، ليرتفع رقهم، وتثبت حريتهم، كما قلنا في الأخ إذا أقر بابن أن نسب الابن يثبت ولا يرث.

فصل: ولو رد الورثة بأجمعهم بطلت الوصية بردهم لها، وكان الأولاد عبيدًا للورثة، وكذلك أمهم. قال الشافعي رضي الله عنه: وكرهت ذلك لهم: لما فيه من استرقاق أولادهم، وأنهم قد خالفوا ظهر فعله لو كان حيًا.

فأما إذا قبل بعض الورثة الوصية وردها بعضهم: كانت حصة من رد موقوفة لورثة الموصي، وحصة من قبل إنهم قد دخلوا في ملك الموصي له. ويقوم ما بقي من رق الأولاد في حصة القابل من تركته، إن كان موسرًا بذلك، ويصير جميع الأولاد أحرارًا يرثون إن لم يحجبوا القابل الموصي له. وإن كان معسرًا فلا تقويم في تركته ولا يرث هؤلاء الأولاد، لأن حريتهم: لم تكمل، ولا تقويم على القابل، لأن العتق كان على غيره.

وإن قيل: إنهم لم يدخلوا في ملك الموصي له لم يعتق شيء من حصة القابل من الورثة إذا كان ممن يجوز أن يتملك أولاد الموصي له.

فصل: وإذا كان الموصي له بزوجته مريضًا فقبل الوصية في مرضه المخوف. فقد اختلف أصحابنا في أولاده منها: إذا أعتقوا بقبوله، هل يرثونه إذا مات من مرضه ذلك؟ فالذي عليه قول الأكثرين منهم: أنهم لا يرثون، لأن عتقهم في مرضه بقبوله وصية لهم، ولو ورثوا، منعوا الوصية، وإذا منعوها عادوا رقيقًا لا يرثون، فلذلك عتقوا ولم يرثوا، كما لو اشتراهم في مرضه.

وقال أبو العباس بن سريج: يرثون بخلاف من اشتراه منهم، لأن من اشتراه قد خرج ثمنه من ماله فصار إخراج الثمن وصية من ثلثه، فلذلك لم يرثوا، وليس كذلك إذا قبل الوصية بهم، لأنه لم يخرج أثمانهم من ماله فيصيروا من ثلثه، فلذلك لم يكن قبولهم صية، وإذا لم يكن ذلك وصية لم يمنعوا الميراث، ولو كان قاله عند الوصية مريضًا، فلم يقبلها حتى مات، ثم قبلها ورثته، بعد موته: كان ميراث الأولاد على ما ذكرنا، لأنها وصية له في حال لو قبلها: كان ميراث الأولاد على ما ذكرنا، فكذلك إذا قبلنا ورثته بعد موته.

ولو كانت الوصية له في صحته فلم يقبلها حتى مات: لم يسقط ميراث هؤلاء الأولاد بقبول ورثته.

فأما المزني: فإنه نص ما اختاره من أن القبول يدل على تقدم الملك بالموت وهو أصح القولين، والله أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>