قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ولو أوصي بجارية ومات ثم وهب للجارية مائة دينار وهي تسوي مائة دينار وهي ثلث مال الميت وولدت ثم تحبل الوصية فالجارية له ولا يجوز فيما وهب لها وولدها إلا واحد من قولين الأول أن يكون ولدها وما وهب لها من ملك الموصي له وإن ردها فإنما أخرجها من ملكه إلى الميت وله ولدها وما وهب لها؛ لأنه حدث في ملكه. والقول الثاني أن ذلك مما يملكه حادثًا بقبول الوصية. وهذا قول منكر لا نقول به لأن القبول إنما هو على ملك متقدم وليس بملك حادث.
وقد قيل: تكون الجارية وثلث ولدها وثلث ما وهب لها. قال المزني -رحنه الله-: هذا قول بعض الكوفيين. قال أبو حنيفة: تكون له الجارية وثلث ولدها. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: يكون ثلثا الجارية وثلثا ولدها.
قال المزني: وأحب إلى قول الشافعي لأنها وولدها على قبول ملك متقدم. قال المزني: وقد قطع باتلقول الثاني إذ الملك متقدم وإذا كان كذلك وقام الوارث في القبول مقام أبيه فالجارية له بملك متقدم وولدها وما وهب لها ملك حادث بسبب متقدم. قال المزني: وينبغي في المسألة الولى أن تكون امرأته أم ولد وكيف تكون أولادها بقبول الوارث أحرارًا على أبيهم ولا تكون أمهم أم ولد لأبيهم وهو يجيز أن يملك الأخ أخاه وفي ذلك دليل على أن لو كان ملكًا حادثًا لولد الميت لكانوا له مماليك وقد قطع بهذا المعني الذي قلت في كتاب الزكاة فتفهمه كذلك نجده إن شاء الله تعالى».
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا وهب للجارية الموصي بها مال وولدت أولادًا من رق لم يخل حال أولادها، وما وهب لها من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون في حياة الموصي، فهو ملكه وصائر إلى ورثته بعد موته ومحسوب في ثلثي التركة.
والثاني: أن يكون حادثًا بعد قبول الموصي له. فذلك ملك له لحدوثه بعد استقرار ملكه.
والثالث: أن يكون حادثًا بعد الموت، وقبل القبول، فيكون على القولين في القبول. فإن قيل إن القبول هو المملك فذلك ملك الورثة دون الموصي له، وهل يحتسب به عليهم من ثلثي التركة، على وجهين من اختلاف ما ذكرنا من الوجهين في الموصي به قبل القبول، هل يكون باقيًا على ملك الميت أو متنقلًا إلى ورثته، فإن جعناه باقيًا على ملك الميت، كان ما حدث من الهبة والأولاد محسوب على الورثة.