للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن جعلناه متنقلًا إلى الورثة لم يحتسب على الورثة، فهذا حكم القول الذي يجعل الوصية بالقبول مملكة. وقال الشافعي: وهذا قول ينكر اهـ.

وإن قيل: إن القبول يدل على تقدم الملك بالموت، فأولاد الجارية وما وهب لها ملكًا للموصي له، لا يحتسب به من الثلث، لأن الميت لم يملكه.

إلا أن الشافعي قال على هذا القول وإن ردها فإنما أخرجها من ملكه إلى الميت وله ولدها وما وهب لها.

واختلف أصحابنا، فكان بعضم يجعل ذلك خارجًا على القول الذي رواه عنه ابن عبد الحكم، أن الوصية تدخل في ملك الموصي له بالموت كالميراث، فكذلك إذا رد الوصية بعد الموت، فقد أخرجها من ملكه وملك ما حدث من كسبها وولدها.

وقال آخرون: بل هذا خارج منه على القول الذي يجعله بالقبول مالكًا من حين الموت. واختلف من قال بهذا في تأويل كلامه على وجهين:

أحدهما: أن معناه وإن رد فكأنما أخرجها من ملكه؛ لأنه قد كان له أن يتملكها، فإذا ردها، فقد أبطل ملكه، وقوله: «وله ولدها وما وهب لها» يعني لوارث الموصي.

والثاني: أنه محمول على أنه قبلها ثم ردها بالهبة. هذا جواب أبي علي بن أبي هريرة فهذا شرح مذهب الشافعي في كسبها وولدها.

وقال أبو حنيفة: «للموصي له الجارية، وثلث ولدها، وثلث ما وهب لها» تعليلًا بأنه لا يجوز أن يملكها الموصي له بالوصية إلا ما صار للورثة مثلاه، وقد صار إليهم مثلًا الجارية فلذلك صار جميعها للموصي له، ولم يصر إلهيم مثلًا الولد والكسب فلذلك صار للموصي له من ذلك ثلثه، وللورثة ثلثاه. وقال أبو يوسف ومحمد: له ثلثا الجارية، وثلثا ولدها وكسبها. ولست أعرف تعليلًا محتملًا ما ذكراه وكلا هذين المذهبين فاسد، لأن الكسب والولد تبع لمالك الأصل فإن كانت الجارية عند حدوث النماء والمكسب بعد الموت وقبل القبول ملكًا للورثة: فلهم كل الكسب ولا يجوز أن يملك منه الموصي له شيئًا.

وإن كانت ملكًا للموصي له، فله كل الكسب، ولا يجوز أن يملك منه الورثة شيئًا. فأما تبعيض الملك في النماء والكسب من غير تبعيض ملك الأصل وجه له، وليس بلازم أن يملك الورثة مثلي ما يملكه الموصي له بعد استقرار ملكه، كما لا يلزم فيما حدث من ذلك بعد القبول، وإنما يلزم ذلك فيما ملك من تركة بينهم.

فصل: فأما لا يتميز من الزيادة، كالسمن وزيادة البدن، إذا حدث بعد موت الموصي وقبل قبول الموصي له، فهو للموصي له، ومحسوب عليه من الثلث، لأن ما اتصل من الزيادة تبع لأصله يتنقل مع الأصل إلى حث انتقل.

فصل: فأما الوصية إذا ردها. فللموصي له في ردها أربعة أحوال:

أحدها: أن يردها في حياة الموصي، فلا يكون لرده تأثير كما لا يكون لقبوله له،

<<  <  ج: ص:  >  >>