للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو (قبل) في هذه الحال تأثيرًا، وخالف فيه خلافًا يذكره بعد.

والثانية: ان يردها بعد موت الموصي، وقبل قبوله: فالرد صحيح قد أبطل الوصية، ورد ذلك إلى التركة، ولا يعتبر فيه قبول الورثة ويكونوا فيه على فرائضهم. فإن قال: رددت ذلك لفلان. قال الشافعي في الأم: احتمل ذلك معنين:

أحدهما: وهو أظهرهما، أن يريد لرضا فلان، أو لكرامة فلان، فإن أراد ذلك، صح الرد، وبطلت الوصية، وعادت إلى التركة.

والثانية: أن يريد بالرد لفلان: هبتها له فلا تصح هبته لها قبل القبول، لأنه لم يملكها بعد. ولو قبلها: صح إذا وجدت فيها شروط الهبة، ولا يكون فساد هذه الهبة مبطلًا للوصية، ومانعًا من قبولها، لأن هبته لها إنما اقتضت زوال الملك بعد دخولها فيه.

والثالثة: أن يردها بعد قبول الوصية وقبل قبضها ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه لا تصح إلا بلفظ الهبة إيجابًا وقبولًا، لدخول الوصية في ملكه بالقبول. فعلي هذا تعود الوصية للورثة خصوصًا دون أهل الدين والوصايا، ويكون الذكر والأنثى فيها سواء، لأنها هبة لهم محضة.

والوجه الثاني: أنه يصح ردها بلفظ الرد دون الهبة، لكن لا يتم إلا بالقبول، لأنها وغن دخلت في ملكه فهي كالإقالة. وإن كان ملك المشتري فيها ثابتًا، فإنه ينتقل بغير لفظ الهبة، لكن لا بد فيها من قبول، كذلك الوصية بعد القبول. فعلي هذا: تعود بعد الرد والقبول تركة، يجري فيها حكم الدين والوصايا، وفرائض الورثة.

والثالث: أنها تصح بالرد من غير قبول، لأنها وإن كانت ملكًا للموصي له بقبولها، فملكه لها قبل القبض، غير منبرم، فجرت مجرى الوقف إذا رده الموقوف عليه بعد قبوله وقبل قبضه. صح رده، ولم يفتقر الرد إلى القبول، وإن كان ملكًا، ثم تكون الوصية بعد الرد تركة.

فصل: وإذا رد الوصية بما يدل له على الرد: لم يملك ذلك المال ولم يبطل حقه في الوصية بالرد. وقال مالك: يملك المال، ويصح الرد ومثله يقول في الشفعة، إذا عفي عنها على مال بذل له. وهذا خطأ في الموضعين، لأن أخذ العوض على ما لم يستقر ملكه عليه باطل كالبيع، والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «ولو أوصى له بثلث شيء بعينه استحق ثلثاه كان له الثلث الباقي إن احتمله ثلثه».

قال في الحاوي: إذا أوصي له بثلث دار هو في الظاهر مالك لجميعها فاستحق ثلثا

<<  <  ج: ص:  >  >>