للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة: قال: «ولا يكون الابتغاء من الأطفال والمجانين».

جملة هذا أن الكتابة لا تجوز إلا لبالغ عاقل، ولا تجوز للمجنون ولا للصبي مميزًا كان أو غير مميز، وقال أبو حنيفة وأحمد: إن كان مميزًا تجوز كتابته كما يجوز بيعه بإذن وليه، قلنا: هو غير مكلف، فلا تصح كتابته كالمجنون، ويفارق تدبير العبد المجنون، لأنه عتق بصفة ينفرد به السيد لا يحتاج إلى قبول العبد بخلاف الكتابة، فإذا ثبت هذا فالسيد إذا كاتب عبده المجنون، أو الصغير فليس بكتابة صحيحة ولا فاسدة [٤٤/ ب] لأن العبد ليس من أهل الكتابة، ولا يصح منه القبول ولكن لو أدى المال عتق بوجود الصفة لأنه الكتابة تشتمل في معارضة وصفة، وإذا عتق يكون كسبه لسيده، ولا يكون بينهما تراجع، ويفارق العبد البالغ إذا كاتبه سيده كتابة فاسدة فأدى وعتق ثبت بينهما التراجع، لأنه من أهل العقد والضمان، وهذا ليس من أهل العقد والضمان، فلم يثبت بينهما التراجع ويلزمه رد الثمن عليه، ولا يرجع بقيمة السلعة.

فرع

إذا كاتب العبد على نفسه، وعن أولاده الصغار لا يجوز في أولاده، وفي المكاتب قولا تفريق الصفقة، وقال أبو حنيفة: يصح في حق الجميع، وإن كان الأب حرًا فكاتب السيد أولاده وقبل الأب عنهم لا يجوز، وواف قنا به أبو حنيفة. وقال مالك: يجوز.

فرع آخر

لو كاتب عبده الصغير الذي لا يميز أو المجنون وقبل السيد عنه لا يجوز، وقال: أبو حنيفة: يجوز، واحتج الشافعي بالآية، وقال: لا يكون الابتغاء إلا من البالغ والعاقل فلا يكون من الصبي والمجنون.

مسألة: قال: «وأظهر معاني الخبر بدلالة الكتاب الاكتساب مع الأمانة».

وجملة هذا أن الله تعالى ندب إلى كتابة العبد إذا كان فيه خيرًا وقد مضى معنى الخير، والدليل على صحة ما ذكره الشاف عي رضي الله عنه أن الله تعالى قال: {وإنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨]، وقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إن تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]، الآية. وأراد به المال والكسب، [٤٥/ أ] وقال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا} [الزلزلة: ٧]، وأراد به الطاعة فحملناه عليهما بدلالة، وهي أن المقصود من الكتابة العتق، وإنما يحصل العتق بالأداء، والأداء إنما يحصل باجتماع الكسب والأمانة، فإن العبد يكتسب ويجمع المال ويؤديه بالأمانة، والديانة فيعتق، والشافعي ذكر هذا في «الأم» مشروحًا فقال: الخير كلمة يعرف ما أريد بها

<<  <  ج: ص:  >  >>