للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٤ ب/ ٢]، فيقيم من خرجت قرعته. وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا أذنوا معاً اجتمعوا في الإقامة ولا يترتبون لأن من سنة الإقامة أن يتصل بطرف الصلاة، والأول أظهر وهذا محتمل إذا كان المسجد كبيراً وأذن المؤذنون في جوانبه يقيمون في كل جانب معاً إذا كانوا لا يسمعون الإقامة إلا هكذا.

مسألة: قال: "ولا يرزقهم الإمام وهو يجد متطوعاً".

الفصل

وهذا كما قال: إذا وجد الإمام من يتطوع بالأذان وكان أميناً لم يجز للإمام أن يعطيه الرزق من بيت المال، لأن منزلة الإمام من بيت المال كمنزلة ولي اليتيم من مال اليتيم لا ينفق منه إلا ما لا غنى باليتيم عنه.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعثمان بن أبي العاص رضي الله عنه حين ولاه الطائف: «صل بهم صلاة أضعفهم ولا تتخذ مؤذناً يأخذ على أذانه أجراً»، فإن لم يجد متطوعاً جاز له أن يرزق مؤذناً واحداً، ولا يزيد عليه لأن هذا من جملة مصالح المسلمين. وهكذا لو وجد فاسقاً متطوعاً ووجد أميناً لا يتطوع به كان له بذل الرزق من بيت المال للأمين. وقيل: فيه وجه آخر. المتبرع أولى وإن كان فاسقاً حتى لا يحتاج إلى التزام مؤنة، ولو كان المتبرع ليس بحسن الصوت، فيه وجهان، لأنه تتوفر الجماعة به.

وقال الشافعي في «القديم»: رزقهم إمام هدى عثمان بن عفان رضي الله عنه. ولو عظمت البلدة ولم يكمهم مؤذن واحد نصب في كل محلة مؤذناً ورزقهم. وروي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أجرى الرزق على أربعة مؤذنين بالمدينة، ونص الشافعي رحمة الله عليه في «الأم»، فقال: «رزق منهم قدر ما يحتاج إليه، ولو أراد الإمام أن يرزق مؤذناً من مال نفسه مع وجود من يتطوع به فلا بأس به».

فرع

اختلف أصحابنا في جواز عقد الإجارة على الأذان من الإمام [٣٥ أ/ ٢]، أو من واحد من الرعايا، فقال الأكثرون: يجوز كما يجوز على تعليم القرآن وأداء الحج عن الغير وبه قال مالك، وهذا أشبه بالمذهب، واختار القاضي الطبري وجماعة أئمة

<<  <  ج: ص:  >  >>