للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه على مجرد النهي حتى يضم إليه حكم هو أبلغ في الزجر, ليكون أمنع من الإقدام عليه.

فرع:

وإذا كانا جاهلين بتحريم النكاح بغير ولي فلا حدّ عليهما؛ لأن الجهل بالتحريم أقوى شبهة, وفال النبي صلى الله عليه وسلم: "ادرأوا الحدود بالشبهات" ولأن من جهل تحريم الزنا لحدوث إسلامه لم يحد فكان هذا بدرء الحدّ أولى, ألا ترى أن قول عثمان رضي الله عنه في أمة أقرت الزنا إقرار جاهل بتحريمه: أراها تشهد به كأنها لم تعلم وإنما الحد على من علم.

ثم يتعلق على هذه الإصابة من الأحكام ما يتعلق على النكاح الصحيح إلا في المقام عليه, فيوجب العدة ويلحق النسب, ويثبت به تحريم المصاهرة, ولكن في ثبوت المحرمية بها وجهان:

أحدهما: تثبت بها المحرم كما تثبت بها تحريم المصاهرة فلا تحجب عن أبيه وابنه, ولا تحجب عنه أمها وبنتها.

والثاني: أن يثبت المحرم وإن ثبت به تحريم المصاهرة لأننا أثبتنا تحريم المصاهرة تغليظًا, فاقتضى أن ينتفي عنه الثبوت المحرم تغليظًا.

فرع:

وإن كانا معتقدين لتحريمه يريان فيه مذهب الشافعي من إبطال النكاح بغير ولي محظور عليهما الإصابة, فإن اجتمعا عليها ووطئها فمذهب الشافعي وجمهور الفقهاء: أنه لا حد عليهما, وقال أبو بكر الصيرفي -من أصحاب الشافعي- وهو مذهب الزهري وأبي ثور.

الحدّ عليهما واجب لرواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البغي من نكحت بغير ولي". والأثر المروي عن عمر في المرأة والرجل جمعتهما رفقة فولت أمرها رجلاً منهم فزوجها فجلد الناكح والمنكح والدليل على سقوط الحدّ قوله صلى الله عليه وسلم في الخبر الماضي: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" فأبطل النكاح وأوجب المهر دون الحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ادرأوا الحدود بالشبهات", وأقوى الشبهات عقد اختلف الفقهاء في إباحته, فكان بإدراء الحد أولى, فأما قوله: "البغي من نكحت بغير ولي" فهي لا تكون بغيًا بالنكاح إجماعًا, وإنما بقول من يوجب الحدّ, إنها تكون بالوطء

<<  <  ج: ص:  >  >>