بغيًا فلم يكن في التعلق به دليل, ثم يحمى على أنه يتعلق عليها بعض أحكام البغي وهو تحريم الوطء, ولا يمتنع أن يسمى بعض أحكام البغي بغيًا, كما قال صلى الله عليه وسلم: "من ترك الصلاة فقد كفر" فسماه ببعض أحكام الكفر كافرًا, وأما الأثر عن عنر فالجلد فيه عبارة عن التعزير, ألا تراه جلد الناكح والمنكح والحدّ لا يجب على المنكح فدل على أنه عزرهما.
فرع:
وإذا تناكح الزوجان بغير ولي ثم طلقها ثلاثًا ففي حكم طلاقه وحكم تحريمها عليه حتى تنكح زوجًا غيره وجهان لأصحابنا:
أحدهما: يجز عليه حكم الطلاق حتى تنكح زوجًا غيره وهذا قول أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن هريرة وأبي سعيد الإصطخري وأبي حامد المروزي اعتبارًا بأغلظ الأمرين:
والثاني: وهو قول أبي حامد الإسفراييني ومن عاضده من المتأخرين. وربما كان لهم فيه سلف أن حكم الطلاق لا يجري عليه للحكم بإبطاله وإنما تحل له قبل زوج لأن الطلاق لا يقع إلا في النكاح. وقد بطل أن يكون نكاحًا.
فإذا تقرر هذان الوجهان, فإن قيل بهذا الوجه إنه إذا طلقها ثلاثًا لم تحرم عليه أن ينكحها قبل زوج فإنه إذا أصابها لم تحل بإصابته لها للزوج إن كان طلقها قبله ثلاثًا. وإن قيل إنها قد حرمت عليه بطلاقه لها ثلاثًا حتى تنكح غيره فهل تحل إصابته لها الزوج إن كان قد طلقها قبله ثلاثًا أم فيه وجهان:
أحدهما: تحل له لإجرائنا على طلاقه حكم الطلاق في النكاح الصحيح.
الثاني: أنها لا تحل له لأننا ألزمناه حكم طلاقه تغليظًا عليهما فكان من التغليظ أن لا تحل لغيره بإصابته.
فرع:
وإذا عدمت المرأة وليًا مناسبًا وكانت في بلد لا حاكم فيه وأرادت نكاح زوج ففيه وجهان:
أحدهما: ليس لها نكاح حتى تجد وليًا بحكم أو بنسب كما عدمت الشهود لم يجز أن تتزوج حتى تجد الشهود.
والثاني: أن يجوز للضرورة أن تتزوج؛ لأن الولي يراد لنفي العار عنه بتزويج غير الكفء, فإذا عدم زال معناه وخالف الشهود المعقود بهم الاشتياق لحفظ الأنساب, فعلى