للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن في الإبراء ترغيبًا للأزواج فيها وفي الخلع تزهيدًا فيها فاختلف المعنى فيهما فافترقا، والله أعلم.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "فَإِنْ هَرَبَتْ وَامْتَنَعَتْ فَلاَ نَفَقَةَ لَهَا ".

قال في الحاوي: وهذا صحيح. إذا هربت بالجنون من زوجها ومنعته من نفسها صارت ناشزًا وسقطت نفقتها؛ لأن النفقة عوض في مقابلة تمكين. فإذا لم يوجد التمكين الذي هو معوض بطل ما في مقابلته من النفقة التي عوض كالسلعة إذا بلغت في يد البائع بطل ما في مقابلتها من الثمن فإن قيل فالجنون عذر. وليست فيه عاصية فهلا كانت نفقتها مع تعذر الاستماع باقية كما لو مرضت أو صلت أو صامت؟ قيل: حقوق الأموال بين الآدميين تستوي في وجوبها سقوطها حكم المطيع والعاصي والمعزور وغير المعذور ألا نرى أن البائع لو تلفت السلعة في يده لجائحة سمائية فهو معذور مطيع وقد سقط ما في مقابلتها من الثمن كما لو استهلكها بنفس فصار عاصيًا غير معذور كما أن الزوجة لو سافرت في الحج سقطت نفقتها وإن كانت مطيعة كما لو هربت ناشزًا في معصية فكذلك حال المجنونة. فأما المريضة فهي غير ممتنعة منه وإنما المرض منعه منها كما يمنع الحيض. ولو منعته في المرض ما أمكن أن يستمتع به من المريضة في نظر وقبله ولمس وسقطت نفقتها فأما ما وجب من صلاة وصيام فالشرع قد استثنى زمانه من الاستمتاع كما أن زمان النوم مستثنى، والله أعلم.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَلاَ إِيلاَءَ فِيهَا وَقِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ فِيهَا فِءْ أَوْ طَلِّقْ ".

قال في الحاوي: أما قوله: "لا إيلاء عليه "فلم يرد أنه لا يصح منه الإيلاء فيهما؛ لأن الإيلاء يمين يصح من الزوج في العاقلة فصخت منه في المجنونة، وإنما أراد به أن لا يطالب بحكم إيلائه فيهما وإن صح إيلاؤه منهما، وإذا مضى على الزوج مدة الإيلاء أربعة أشهر وهي على جنونها أو آلي منها وهي عاقلة فانقضت مدة الإيلاء وقد جنت، فالحكم فيهما سواء، وليس للولي مطالبة الزوج بفيئه ولا طلاق؛ لأن المطالبة حق لها يرجع فيه إلى شهرتها في العفو عنه أو المطالبة به، ولا يصح منها مع الجنون مطالبة ولا للولي فيه مدخل فيطالب، لكن يقال للزوج: ينبغي لك وإن لم يجب عليك المطالبة بحقها إن تنقي الله تعالى فيا فتفئ أو تطلق ليكون خارجًا من حق الإيلاء أن لو كانت مطالبته حتى لا

<<  <  ج: ص:  >  >>