والثاني: ألا ترى والعرب تضع العلم مكان الرؤية، والرؤية مكان العلم.
والثالث: معناه، إلا لتعلموا أننا نعلم، لأن المنافقين كانوا في شك من علم الله تعالى بالأشياء قبل كونها.
والرابع: معناه إلا لنميز أهل اليقين من أهل الشك، وهذا قول ابن عباسٍ رضي الله عنه.
وأما قوله تعالى:"فأينما تولوا فثم وجه الله"[البقرة: ١١٥]، له ست تأويلات:
أحدها: ما قاله الأولون من تخيير الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يستقبل حيث شاء قبل استقبال الكعبة.
والثاني: نزلت في صلاة التطوع للسائر وللخائف في الفرض. وبه قال ابن عمر رضي الله عنه.
والثالث: نزلت فيمن خفيت عليه القبلة.
والرابع: أنه لما نزل قوله تعالى: "أدعوني استجب لكم"[غافر: ٦٠]، قالوا: إلى أين؟ فنزل هذا، وبه قال مجاهد.
والخامس: أراد وحيث ما كنتم من مشرق أو مغرب فلكم جهة الكعبة فيستقبلونها.
والسادس: سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم حين استقبل الكعبة، قالت اليهود: قبحاً في ذلك، فنزل هذا. وبه قال [٤٢ ب/ ٢] ابن عباس. وروى الشافعي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت، فقال:«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن نستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة».
وروي أن هذا القائل، قال لهم: أشهد أن القبلة قد حولت إلى الكعبة. وقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، فاستداروا في صلاتهم وبنوا عليها، فإذا تقرر هذا، فكل من لزمه التوجه إليها على ستة أضرب: