فأما إذا أعتقت الأمة وزوجها حر فقد اختلف الفقهاء في خيارها فذهب الشافعي إلى أنه لا خيار لها.
وبه قال من الصحابة: ابن عمر وابن عمر وابن عباس وعائشة.
ومن التابعين: سعيد بن المسيب والحسن البصري وسليمان بن يسار.
ومن الفقهاء: ربيعة ومالك والأوزاعي وابن أبي ليلى وأحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة وصاحباه: لها الخيار.
وبه قال النخعي والشعبي والثوري وطاوس استدلالًا برواية إبراهيم بن الأسود عن عائشة قالت: خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة وكان زوجها حرًا وهذا نص قالوا: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة: "قد ملكت بضعك فاختاري" فجعل على اختيارها أنها ملكت بضعها وهذه العلة موجودة إذا أعتقت تحت حر لوجودها إذا أعتقت تحت عبد فوجب أن يكون لها الخيار في الحالين. قال: ولأنها أعتقت تحت زوج فوجب أن يكون لها الخيار في الحالين. قال: ولأنها أعتقت تحت زوج فوجب أن يكون لها الخيار.
أصله: إذا كان الزوج عبدًا ولأنه قد ملك عليها بضعها بعد العتق بمهر ملكه غيرها في الرق فوجب أن يكون لها فسخه فيصح ان تملك بالحرية ما كان ممنوعًا عليها في العبودية.
ودليلناك ما رواه عروة بن الزبير والقاسم بن محمد وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خَيَّر بريرة وكان زوجها عبدًا فوجه الدليل فيه أن الحكم إذا انتقل مع السبب تعلق الحكم بذلك السبب كما إذا نقل الحكم مع علة تعلقى الحكم بتلك العلة وقد نقل التخيير بعتقها تحت عبد فوجب أن يكون متعلقًا به.
فإن قيل: فقد روى الأسود عن عائشة أنه كان حرًا، فتعارضت الروايتان في النقل وكانت رواية الحرية أثبت في الحكم، ألا ترى لو شهد شاهدان بحرية رجل وشهد آخران بعبوديته كان شهادة الحرية أولى من شهادة العبودية، وكذلك في النقلين المتعارضين.
قيل: روايتنا أنه كان عبدًا أولى من روايتهم أنه كان حرًا من أربعة أوجه:
أحدهما: أن راوي العبودية عن عائشة ثلاثة عروة والقاسم وعمرة وراوي الحرية عنها واحد وهو الأسود ورواية الثلاثة أولى من رواية الواحد لأنهم من السهو أبعد وإلى التواتر والاستفاضة أقرب وقد قال الله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}[البقرة: ٢٨٢] وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد".