يتوقى المعصية فيها فليخرج الطعام منها ثم يأكله إن شاء. كما حكي أن فرقد السيخي والحسن البصري - رحمهما الله - حضرا وليمة فقدم إليهما طعام في إناء فضة، فقبض فرقد يده عن الأكل منه، فأخذ الحسن الإناء وكبه على الخوان، وقال: كُل الآن إن شئت. وهكذا لو توضأ منها فالوضوء صحيح، وإن كان الفعل محرماً: لأن المنع لم يكن في الماء خلافاً لداود.
وأما اتخاذها هل يحل؟ قيل: فيه قولان، وقبل وجهان والأصح أنه لا يحل كالملاهي، وعلى هذا لا يضمن بالكسر ولا يستحق الأجرة باتخاذها وأما المتخذة من غير جنس الأثمان فضربان: ثمين وغير ثمين. فإن لم يكن ثميناً كآنية النحاس والرصاص والفخار والزجاج، فكلها مباح.
وقالت عائشة: "كنت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من تور من شبة".
وإن كان ثميناً كان لصنعه فيها كالمخروط عن الزجاج فهو مباح كلبس الثوب
الكتان النفيس، وإن كان لنفاسة جوهره مثل البلور والياقوت والعقيق فيه قولان. في حرملة: حرام لأن فيه سرفاً وخيلاء. وقال في "الأم" ونقله المزني: أنه مباح [٣٩ أ/ ١] وهو المشهور. آنية من غير جنس الأثمان فأشبه المخروط من الزجاج؛ لأن السرف فيه غير ظاهر؛ لأنه لا يعرفه إلا الخواص من الناس، فلا يخاف افتتان العوام. وقال القفال: هذا مبني على أن تحريم آنية الذهب والفضة لأعيانها، أو لمعنى فيهما.
قال في الحديث: تحرم لأعيانهما كأحكام كثيرة اختصت بالذهب والفضة دون غيرهما. وقال في القديم: يحرم لمعنى الخيلاء والفتنة فعلى القول الأول لا تحرم آنية التور نحوه، وعلى القول الثاني تحرم.
قال: وعلى هذا لو اتخذها من ذهب وغشاها بالرصاص. فإن اعتبرنا عين الذهب فهو حرام، وإن اعتبرنا عين الذهب فهو حرام، وإن اعتبرنا المغني فهو حلال.
قال: ولو اتخذها من رصاص وموهها بالذهب، فإن اعتبرنا المعنى فلا تحل، وإن اعتبرنا العين حل.
فرع
في الأواني المتخذة من الطيب الرفيع كالعود المرتفع والكافور المصاعد والمعجون من المسك والعنبر وجهان مخرجان، وفي غير المرتفع من المسك والصندل وجه واحد يجوز استعماله.
مسألة: قال: "وَأَكْرَهُ الْمُضَبَّبَّ بِالْفِضَّةِ لَئِلاَّ يَكُونَ شَارِباً عَلَى فِضَّةِ".
وهذا كما قال المضبب أن يكون جزءاً من أجزاء الإناء فضة، واختلف أصحابنا في هذه المسالة. قال القفال: التضبيب على شفة الإناء لم يحبز استعماله في الشرب، وأن