للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باليمين ولكن لو قال أنت طالق أكثر الطلاق وقع ثلاثًا؛ لأن الكثرة لا تكون إلا في العدد, دون الصفة, ولو قال: أنت طالق أكثر الطلاق كان واحدة ولم يكن ثلاثًا إلا بالنية, لأنه الأكثر قد يعود إلى الصفة كما يعود إلى العدد, والله أعلم بالصواب.

مسألة: قال الشافعي: "ولو قال أقبح أو أسمج أو أفحش أو ما أشبهه سألته عن نيته فإن لم ينو شيئًا وقع للبدعة".

قال الماوردي: وهذا نصه ما تقدم من صفة الطلاق بصفات الحمد فإذا قال لها: أنت طالق أقبح الطلاق أو أسمج الطلاق أو أفحش الطلاق أو أردأه أو أنداه أو أضره أو أنكره أو أمره, أو ما أشبه ذلك من صفات الذم, فإن لم تكن له نية حمل على طلاق البدعة, لأنه الأسمج, الأقبح, الأضر الأمر. وإن كانت نية نظر فيها فإن وافقت ظاهر لفظه, أن يريد به طلاق البدعة حمل عليها, وكان عشرتها هو الأسمج الأقبح, فإن كان ذلك أغلظ حاليه وأعجلهما عمل عليه وقل قوله فيه, وإن كان أخف حاليه وأبعدهما دين فيه, وفي قبوله منه في الحكم وجهان:

أحدهما: لا يقبل منه اعتبارًا بظاهر اللفظ.

والثاني: يقبل منه لاحتمال ما ذكرنا من التأويل.

فرع

ولو قال: أنت طالق أشد الطلاق ولم يكن له نية طلقت في الحال من غير مراعاة سنة ولا بدعة, لأن أشد الطلاق تعجيله وتكون رجعية, وكذلك لو قال أنت طالق أطول الطلاق أو أعرض الطلاق أو أقصر الطلاق كانت واحدة رجعية؛ لأن الطلاق لا طول له ولا عرض.

وقال أبو حنيفة: إذا قال: أنت طالق أكبر الطلاق أو أطول الطلاق أو أعرض الطلاق أو أشد الطلاق طلقت طلقة واحدة بائنة, ووافق في الأقصر والأصغر أنها تكون رجعية, وعندنا لا تكون الواحدة بائنة بحال إلا في غير المدخول بها, والكلام معه يأتي.

مسألة: قال الشافعي: "ولو قال أنت طالق واحدة حسنة قبيحة أو جميلة فاحشة طُلقت حين تكلم".

قال الماوردي: وهذا كما قال: إذا قصد الطلاق بصفتين مختلفتين فقال: أنا طالق واحدة حسنة قبيحة, أو جميلة فاحشة, أو ضارة نافعة, أو سنية بدعية وقع طلاقها في الحال, سواء كانت في حال السنة أو في حال البدعة, واختلف أصحابنا في تعليل ذلك فقال بعضهم: وهو الظاهر من تعليل الشافعي أنه وصفها بصفتين أحدهما صفة طلاق السنة والأخرى صفة طلاق البدعة, وهي في أحد الحالتين, ووقع الطلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>