وقال بعض أصحابنا بخراسان: يسوي الصفوف في آخر الإقامة حتى إذا فرغ [٦٥ ب/ ٢] من الإقامة كبرّ، وهذا خلاف المنصوص. وقال أبو حنيفة والثوري: إذا قال المؤذن: حّي على الصلاة، قاموا في الصف، ويقول: استووا، فإذا قال: قد قات الصلاة، كبرّ الإمام وكبرّ القوم تصديقًا لقول المؤذن، قد قامت الصلاة، إلّا أن يكون المؤذن الإمام، فلا وجه إلا أن يفرغ، ثم يكبرّ، وهذا غلط لما روى أبو إمامة رضي الله عنه أن بلالًا أخذ بالإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (أقامها الله، وأدامها)، وقال في سائر الإقامة مثل ما قال. وقول المؤذن: قد قامت الصلاة، أي: قرب قيامها.
فَرْعٌ
قال: ولا يكبرّ المأموم حتى يفرغ الإمام، وبه قال مالك وأبو يوسف. وقال أبو حنيفة والثوري ومحمد: يكبرّ مع تكبيرة الإمام كما يركع مع ركوعه، وهذا غلٌط لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:(إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبرّ فكبرّوا)، وأما الركوع فلأنه لا يجوز أن يأتي به بعد فراغه بخلاف هذا.
فَرْعٌ آخرُ
لو سبق المأموم الإمام بالتكبير نقضه، ثم يستأنف التكبير. وحكي عن مالك والثوري أنه يعتّد بتكبيره. قال أصحابنا: هذا يدل على أن عند الشافعي انعقدت صلاته حتى يحتاج إلى قطعها، وهذا إذا اعتقد أنه كبرّ، ولم يكن كبرّ، فأنا إذا علم أنه لم يكن كبرّ، فكبر بنية الاقتداء به لا تنعقد، لأنه ائتم بمن ليس في الصلاة، ويحتمل قولًا آخر أنه يضمها إلى صلاة الإمام إذا حكمنا بانعقادها لأنه يجوز أن يضم المفرد صلاته إلى صلاة الإمام في أحد القولين.
مسألة: قال: (ويرفع يديه إذا كبر خذو منكبيه)
وهذا كما قال. رفع اليدين مستحب حال التكبير في ابتداء الصلاة لما روى ابن عمر رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه). وأما كيفية الرفع فهي أن يرفعهما حتى يحاذي كفاه منكبيه [٦٦ أ/ ٢]. وبه قال مالٌك وأحمُد وإسحُق، وقال أبو حنيفة والثوري رحمهما الله: يرفعهما حتى يحاذي كفاه أذنيه، وهو معنى قوله: يرفعهما إلى فروع الأذنين، وهذا غلٌط لما روى ابن عمر رضي الله عنه، قال:(رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه)،