للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكرخي: إنها آية في مكانها ليست من السور. وروي هذا عن أحمد، وعن أحمد رواية أخرى أنها من الفاتحة. وحكي عن مالك أنه قال: لا يقرأها في الصلاة أصلًا إلا في قيام رمضان، فإنه يقرأها في ابتداء السورة بعد الفاتحة، لا في الفاتحة. ووافقنا أبي حنيفة أن الفاتحة سبع آيات إلا أنه يجعل الآية السابعة من قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}، وعندنا من قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ}، وما قلناه أولى، لأن أواخر آيات هذه السورة كلها مجرورة وممدودة، فينبغي أن تكون آخر الآية السادسة فيها كذلك، والمشهور من مذهب أبى حنيفة أنه لا يأتي بالتسمية إلا في أول الركعة كالتعوذ.

واحتجوا بما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يقول الله تعالى: حمدني عبدي، فإذا قال العبد: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، يقول الله تعالى: أثنى علّي عبدي، فإذا قال العبد: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، يقول: الله مجدني عبدي، فإذا قال العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، يقول الله تعالى: هذه بيني وبين عبدي، [٧٢ أ/ ٢] فإذا قال العبد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخر السورة، يقول الله تعالى: هذه لعبدي، ولعبدي ما سأل). ولم يذكر بسم الله الرحمن الرحيم منها. وقوله: فتمت الصلاة، أي: القراءة. وحقيقة هذه التسمية منصرٌف إلى المعنى لا إلى الألفاظ، وذلك أن نصف هذه السورة ثناء ونصفها مسالٌة ودعاٌء.

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (سورة ثلاثون آية شفعت لقارئها ألا وهي: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١]، وهي ثلاثون آية سوى بسم الله الرحمن الرحيم، وهذا غلط لما روت أم سلمه رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قرأ في الصلاة: بسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} آيتين)، وهذا نصّ.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإنها أم الكتاب، وإنها السع المثاني)، وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها، وقال جابر رضي الله عنه، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة، قلت: أقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال: قل بسم الله الرحمن الرحيم).

وأما خبر أبي هريرة رضي الله عنه، قلنا: روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>