للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمدًا لا تبطل صلاته. وهكذا الخلاف في تكبيرًات الركوع والسجوٌد والتسميع. وقوله: رب اغفر لي بين السجدتين. واحتجوا بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علّم رجلًا الصلاةَ، وقال: ثم قل: (الله أكبرّ، ثم اركع، هذا غلٌط لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي المسيء صلاته، (ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائمًا)، الخبر. ولم يأمره بالتكبير ولا بالتسبيح وما ذكروه من الخبر محموٌل على الاستحباب. واحتجوا بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبّح، فقال: (سبحان ربي العظيم في الركوع). وقال: (سبحان ربي الأعلى في السجوٌد)، ثم قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)

قلنا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل في صلاته المسنون والمفروض، فنحن نفعل المسنون مسنونًا، والمفروض مفروضًا حتى يكون كفعله سواء، واحتجوا أنه لما نزل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤]، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (اجعلوها في ركوعكم) ولما نزل قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:١] قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (اجعلوها في سجودكم). قلنا: أراد استحبابًا لأن عندهم يجوز ذكر آخر غير هذا.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا ركع أحدكم فليضع يديه على ركبتيه، ثم يمكث حتى يطمئن كل عظٍم في مفاصله [٨١ ب/٢]، ثم يسّبح ثلاث مراٍت، فإنه يسبح الله عزّ وجلّ من جسده ثلاثة وثلاثون وثلثمائة عظم وثلثمائة وثلاثة وثلاثون عرقًا، وإذا سجد، فليسّبح ثلاثًا، فإنه يسّبح من جسده مثل ذلك).

واحتجوا بما روي أنه علّم رجلًا الصلاةَ، قال له: (إذا ركعت فقل: سبحان ربي العظيم ثلاثًا)، وذلك أدناه، (وإذا سجدت فقل: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، وذلك أدناه). وقال على رضي الله عنه: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا، قلنا: معناهُ، وذلك أدنى الكمال. والكمال أقلّ وأكثر كما الثلاث، ولأن عندهم لا يجب التثليث، فلا حّجة فيه ٠

واحتجوا بأن في القيام يجب الذكر، وكذلك في الركوع والسجوٌد، قلنا: لأن القيام ينقسم إلى عادٍة وعبادٍة، فيحتاج إلى التمييز بالذكر والركوع في نفسه عبادٌة لا تشاركه العادة، فلا حاجة فيه إلى الذكر. والدليل على الفرق أنه لا يجبر الذكر بالسجوٌد عند النسيان في القيام بخلاف الذكر في الركوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>