للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في (الإملاء): لا يزيد على الدعاء الذي ذكرناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأول أصح لما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (فأكثروا من الدعاء). وقيل: قال في (الأم): (الدعاء بعد الكمال يأتي به الإمام أيضًا كما يأتي بها على الكمال).

وقال في (الإملاء): لا يزيد الإمام على الكمال. وهذا أصح عندي لئلا يؤدي إلى المشقة بالمأمومين. وقال بعض أصحابنا بخراسان: لو أتى بذكر آخر سوى التسبيح فيه جاز، وإن كان الأفضل التسبيح لما روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: افتقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فراشي ليلة النصف من شعبان، فأخذني ما يأخذ النساء من الغيرة، فطلبته فلم أجده، [فظننُت أَّنما انسَّل إلى بعض نسائه، فإذا أنا به ساجُد كالثوب الطريح، فسمعته] يقول: (سجد لك سوادي وخيالي وأّمن بك فؤادي، وهذه يدي التي جنيت بها على نفسي يا عظيم، يا رجاء كل عظيم، اغفر الذنب العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا الرب الكريم، ثم رفع رأسه ثم سجد، وقال: (أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك أقول كما قال أخي داود: أعفر وجهي في التراب لسيدي، وحق لسيدي أن أسجد له). فلما فرغ من صلاته، قال: ما لك؟ أخذك شيطانك؟ فقلت: بأبي أنت وأمي أنت في واد، ونحن في واد). ومعنى ذلك الاستغفار من التقصير في بلوغ لواجب من حق عبادته والثناء عليه. وقوله: لا أحصي ثناء عليك، أي لا أطيقه ولا أبلغه.

وقال بعض أصحابنا: لو قال في سجوٌده: سّبوح، قّدوس، رب الملائكة، والروح القدس. فهو حسن لما روت عائشة رضي الله عنه، قالت: كان رسول الله [٨٧ ب/ ٢]- صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك في سجوٌده.

مَسْألةٌ: قال: (ثم يرفع مكبرًا كذلك حتى يعتدل جالسًا على رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى).

وهذا كما قال إذا انتهى الدعاء في السجوٌد يرفع مكبرّا، ويكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير، فيكون فيه، وهو يرفع حتى يكون انتهاء التكبير مع انتهاء الجلوس. والجلوس ركن، والطمأنينة فيه ركنُ. وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب هذا الجلوس أصلًا، ويكفيه أدنى رفع حتى لو رفع قدر ما يسع من الأرض وجبهته حدّ سيٍف.

وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: يجب أن يرفع حتى يصير إلى الجلوس أقرب منه

<<  <  ج: ص:  >  >>