للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقع إلا في غده، وهل يتعلق حنثه بطلوع فجره، أو بغروب شمسه، على وجهين:

أحدهما: يحنث بطلوع فجره، لأنه أول وقت البر فيما فات، فأشبه الصلاة التي يكون خروج وقتها دليلًا على وجوبها بأوله.

والثاني: أن يحنث بغروب شمسه لبقاء زمان البر قبل الغروب فلم يتعلق به حكم القوات كأوله، فأما إن كان المحلوف عليه دابة إن ركبها في غده أو ثوبًا يلبسه فيه لم يحنث بركوب الدابة ولبس الثوب في يومه لإمكان ذلك في غده فإن ركب وليس في غده فيما بين طلوع فجره وغروب شمسه بر في يمينه، وإن لم يفعل حنث بغروب الشمس وجهًا واحدًا، لأن إمكان الفعل يمنع من القطع بالحنث.

وأما القسم الثالث: وهو أن يؤخر فعل ذلك عن وقته، فإن أخره عامدًا حنث، وإن أخره ناسيًا ففي حنثه قولان:

أحدهما: يحنث.

والثاني: لا يحنث، ولا يلزمه فعله بعد فوات وقته، فلو أكل بعض الطعام في يومه وباقيه في غده حنث لأن إكمال الأكل في غده شرط في بره.

وأما القسم الرابع: وهو أن يفوته فعل ذلك في وقته، فهذا على أربعة أضرب:

أحدها: أن يفوت ذلك الحالف قبل الغد فلا حنث عليه لزوال تكليفه بالموت.

والثاني: أن يفوته ذلك باستهلاكه له قبل غده باختياره فيحنث في غده قولًا واحدًا، لأنه قد كان قادرًا على فعله في الغد.

والثالث: أن يتلف قبل غده بفعل غيره ففي حنثه قولان لزوال قدرته وعدم مكنته.

والرابع: أن يفوته فعله مع بقاء ذلك وجوده إما بحبس أو إكراه أو مرض، فيكون حنثه على قولين كالمكره فأما إن قدر على فعله في غده فلم يفعله مع القدرة حتى تلف في بقية غده، فقد اختلف أصحابنا، هل يجري على فواته فيه حكم المختار أو حكم المكره على وجهين:

أحدهما: يجري عليه حكم المختار لإمكان فعله في وقته، فعلى هذا يحنث قولًا واحدًا.

والوجه الثاني: يجري عليه حكم المكره لبقاء رقته، فعلى هذا يكون في حنثه قولان، والله أعلم.

مسألة

قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ لَوَقْتٍ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ قَبْلَ يشَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ أَنَّهُ لَا حَنَثَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>