مسألة: قال: "وإذا فاته الحج ماشياً مشي حتى تحل له النساء".
الفصل
الكلام في هذا بيان انتهاء المشي، والحكم في ذلك أنه يحتاج حتى يتحلل من الحج والعمرة، إلا أن للحج تحللين، فيمشي حتى يحل التحللين جميعاً، وفي ذلك الوقت تحل له النساء، وللعمرة تحلل واحد وهو بالطواف والسعي في أحد القولين. والقول الثاني بالحج معها فيمشي حتى يأتي بجميع ذلك، [٣٩/ أ] لأن تمام الخروج من الحج إنما يحصل في هذه الغاية، ثم له أن يركب وإن بقي عليه بقية من الحج، وهي الرمي في أيام منى أيام التشريق خارج من الحج، كالسلام الثاني في الصلاة.
وقال في "الحاوي": إذا نذر أن يحج ماشياً ففي أول ما يجب عليه من المشي وجهان على ما ذكرنا، وآخر مشيه إذا حل إحلاله الثاني على ما ذكرنا.
ولو نذر أن يحج إلى بيت الله كان أول مشيه من بلده إذا توجه وفي آخره ثلاثة أوجه:
أحدهما: إذا وصل إلى البيت اعتباراً بلفظ.
والثاني: إذا طاف بالبيت طواف القدوم اعتباراً بأول قربة.
والثالث: إذا حل إحلاله الثاني اعتباراً بكمال نسكه. وإذا نذر أن يعتمر ماشياً كان في أول مشية وجهان كما ذكرنا في الحج، وآخر مشية إذا حل من عمرته.
فرع
لو قال: لله علي الحج ولم ينو وعليه حجة الإسلام لم ينعقد النذر، لأنه لا ينعقد نسك مجمل.
مسألة: قال: "وإذا فاته الحج حل ماشياً وعليه الحج من قابل ماشياً".
اعلم أنه إذا نذر أن يحج ماشياً فشرع فيه ثم فاته، فعليه المضي في الفائت والتحلل بعمل عمرة والطواف والسعي والحلق وعليه القضاء من قابل، ويلزمه المشي والقضاء بلا فدية، لأن فرض الحج لا يسقط به عنه، فصار كأنه هو الحج المنذور، وأما ما مضى فيه من الفائت فهل يلزمه المشي؟ فيه قولان، أحدهما: وهو الصحيح وعليه نص في "الأم"، ونقله المزني في "المختصر": يلزمه، لأن الفائت يلزمه أن يتحلل بعمل عمرة على الصفة التي دخل فيه الحج المنذور، إذ لا يسقط الفرض به فلم يجب المشي فيه، وهذا اختيار صاحب "الإفصاح"، قال: وقوله: "حل ماشياً" أراد به على طريق الاستحباب. وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا يلزمه أن يحل ماشياً إلا على أصل المزني، فإنه يقول: يأتي بجميع أعمال الحج كمن أفسد حجه، [٣٩/ ب] وعندنا يتحلل بعمل العمرة ويحتاج إلى القضاء، فلا يلزمه المشي فيه قولاً واحداً.