للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ آخرُ

قال في البويطي: [٩٧ أ/ ٢] وأحبّ أن يكون ذلك في سكتة الإمام قبل أن يقرأ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان إذا كبرّ في الصلاة سكت هنيهةً قبل أن يقرأ، قلت: بأبي أنت وأمي ما تقول في سكتتك بين التكبير والقراءة. قال: أقول "أللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بني المشرق ولالمغرب، ونقني من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني بماء الثلج والبرد".

وقال سمرة رضي الله عنه: "حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكتتين في الصلاة سكتة إذا كبرّ حتى يقرأ، وسكتة إذا فرغ من قراءة فاتحة الكتاب"، فأنكر عليه عمر، فكتب في ذلك إلى أبيّ بن كعب رضي الله عنه، فكتب إليه أن سمرة قد حفظ.

ولا ينبغي أن يقرأ معه. وروي أنه كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سكتات في الصلاة، وقال أصحابنا: سكتة بعد الإحرام، وأخرى بعد الفاتحة، وأخرى في الركعة الثانية، ولو قرأ قبل أن يبتدئ الإمام يجوز، وفيه وجهٌ أنه لا يجوز كما لو رفع قبله، وهذا لا يصحّ، لأنه لا يظهر به المخالفة. ولهذا له أن يؤخّر القراءة عن قراءته بخلاف الركوع، ولو كان في صلاة السرّ، فالأولى أن يؤخرّ مقدار ما يعلم أن الإمام قرأ الفاتحة، فإن قرأ قبله، فقد ذكرنا، ولو علم أنه لا يمكن من قراءتها بعد قراءته يقرأ معه.

وأما قراءة السورة لا يختلف المذهب أنه تسن له قراءة السورة مع الفاتحة في صلاة السرّ أو كان في صلاة الجهر في موضع لا يسمع قراءة الإمام، لأنه غير مأمور بالإنصات إلى غيره، فهو كالإمام والمنفرد، وإن كان الإمام يجهر بالقراءة، وهو يسمع قراءته اقتصر على الفاتحة، ولا يستحب الزيادة فيها.

وهذا لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى صلاة الظهر بالقوم، فلما انفتل، قال: "أيكم قرأ: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١]، فقال رجل: أنا، فقال: "علمت أن بعضكم خالجنيها"، ومعناه: [٩٧ ب/ ٢] جاذبنيها، وإنما أنكر عليه مجاذبته في قراءة السورة حين تداخلت القراءتان وتجاذبتا ونهى عن قراءة السورة خلفه.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: الأصحّ أنه لا يقرأ خلفه سوى الفاتحة بحالٍ، وفيه وجهان، وهو غلطٌ ظاهٌر، وهكذا نقول فيمن تباعد عن الخطيب ولا يسمع خطبته، يقرأ القرآن في نفسه، وذكروا وجهًا آخر أنه لا يقرأ شيئًا، وليس بشيء.

فَرْعٌ آخرُ

المنفرد يجهر في صلاة الجهر سنّة عندنا خلافًا لأبي حنيفة، والأصل في هذا أن الجهر عنده شرع للإمام للإسماع، فإن المأموم لا يقرأ. وعندنا يجهر، لأنه سنّة مقصودٌة.

<<  <  ج: ص:  >  >>