لو استوى جماعه في شروط القضاء وفيهم طالبٌ وممسك فالأولى أن يقلد الممسك دون الطالب؛ لأنه أرغب في السلامة, فإن عدل الإمام عن الممسك إلى الطالب جاز وصح تقليده.
فرع آخر
إذا تكاملت الشروط في جماعةٍ فالأولى بالإمام أن يقلد أفضلهم؛ فإن عدل إلى المفضول انعقدت ولايته.
فرع آخر
لو تكاملت شروط الإمامة في جماعةٍ وجب على أهل الاختيار أن يقلدوا أفضلهم؛ فإن عدلوا إلى المفضول؛ قال جمهور العملاء: يجوز كما قلنا في القضاء. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجوز؛ والفرق أن القضاء نيابة خاصة فجاز أن يعمل على اختيار المستنيب؛ والإمامة ولاية عامة فلم يصح فيها تفريط أهل الاختيار لافتياتهم على غيرهم.
فرع آخر
[٦٣/ ب] إذا تكاملت في واحدٍ دون غيره لا يصير بتفرده في عصره والياً يوَلّى ولو تكاملت شروط الإمامة في واحد منفرد بشروطها قال أكثر الفقهاء: لا تنعقد إمامته إلا بعقد أهل الاختيار كولاية القضاء. وقال فقهاء العراق وبعض المتكلمين: تنعقد إمامته من غير عقدٍ؛ لأن عقد أهل الاختيار إنما يراد لتمييز المستحق؛ فإذا تميز بصفته استغنى عن عقدهم ويفارق القضاء؛ لأنه نيابة خاصة يجوز صرفه عنها مع بقائه على صفته فافتقرت إلى عاقدٍ؛ والإمامة ولاية عامة لا يجوز أن يصرف عنها مع بقائه على صفته فلم تفتقر إلى عاقدٍ.
ومن الفقهاء من سوى بين الإمامة والقضاء، وجعل ولاية القضاء فيمن تفرد بشروطه منعقدة من غير عاقد كالإمامة وهذا أدب، والأصح التسوية بينهما في البطلان؛ لأن الولايات عقود فافتقرت إلى عاقد.
وأما الضرب الثاني من يستحب له ولا يجب عليه: فرجل من أهل العفة والأمانة والاجتهاد؛ وفي البلد مثله جماعة إلا أنه فقير لا كفايه له؛ فيتولى القضاء ليأخذ الرزق. وكذلك إذا كان له كفاية ولكنه خامل الذكر لا يعرف؛ فيريد القضاء ليعرف فينفع بعلمه فيستحب له طلبه والدخول فيه.
فإن قيل: أليس قال صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة: "لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها؛ وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها".