وإنما تلحقهم العقوبة معاً إذا استووا في القصد؛ وهو أن يرتشوا لينال به باطلاً ويتوصل به إلى ظلمٍ؛ فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو يرفع عن نفسه ظلماً؛ فإنه غير داخل في الوعيد.
وقد روى ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه أخذ في شيء وهو بأرض الحبشة؛ فأعطى دينارين حتى خلى سبيله.
وقال الحسن البصري؛ وجابر بن زيد وعطاء: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم.
فرع آخر
إذا حرمنا عليه بذل المال فبذل وقلده؛ فإن قال: قلدتك بهذا المال لا يصح التقليد؛ وإن قال: قلدتك القضاء مطلقاً فالتقليد صحيح؛ وإن تقدم بسببٍ هو معصية كالبيع إذا تقدمه شرط فاسد؛ وقيل: لا يصح التقليد؛ لأنه صار به فاسقاً فلا ينفذ حكمه حتى يتوب ثم يولى.
فرع آخر
يجب على الإمام تقليد القضاء؛ وهو فرض متعين عليه لدخوله في عموم ولايته؛ ولأن التقليد لا يصح إلا من جهته؛ ولا يجوز أن يتوقف حتى يسأله؛ لأنه من الحقوق المسترعاة.
فرع آخر
القاضي في إقليم من الأقاليم إذا عجز عن النظر في جميع النواحي يلزمه تقليد القضاء فيما عجز عن مباشرة النظر فيه؛ فإن بعد عن الإمام تعين [٦٥/ب] فرض التقليد على القاضي؛ وإن قرب منه كان فرض التقليد مشتركاً بين القاضي وبين الإمام ويتعين عليهما دون غيرهما؛ فأيهما تفرد بالتقليد سقط فرضه عنهما؛ فإن تفرد القاضي فيه بالتقليد كان فيه على عموم ولايته؛ وإن تفرد الإمام بالتقليد كان عزلاً للقاضي عنه؛ إلا أن يصرح في التقليد باستنابته عنه فيكون باقياً على ولايته.
فرع آخر
يجوز للإمام أن يعزل من قلده القاضي؛ ولا يجوز للقاضي أن يعزل من قلده الإمام إلا أن يكون مستناباً عنه؛ ففي جواز تفرد القاضي بعزله وجهان:
أحدهما: يجوز كما لو كان هو المستنيب. والثاني: لا يجوز لا فتياته على الإمام في