لو خلا بلد عن قاض فقلد أهل البلد قاضياً بينهم كان باطلاً إن كان في العصر إمام لافتياتهم عليه فيما هو أحق به؛ ولم يجز أن ينظر بينهم ملزماً؛ فإن نظر بطلت أحاكمه وصار بها مجروحاً؛ ويجوز أن ينظر بينهم متوسطاً مع التراضي؛ والأولى أن يعتزل عن الوسطة بينهم لئلا يشتبه بذوي الولايات الصحيحة ولما تقدم من التقليد.
وإن خلا العصر من إمامٍ؛ فإن كان يرجى أن يتجدد لإمامٍ نظر في زمانٍ قريب كان تقليد القاضي باطلاً؛ وإن لم يرج فإن أمكنهم أن يتحاكموا إلى قاضى أقرب البلاد إليهم كان تقليدهم للقاضي باطلاً؛ إن لم يمكنهم التحاكم إلى غيره نُظر؛ فإن لم يمكنهم أن ينصروه على تنفيذ أحكامه كان باطلاً أيضاً لقصورهم عن قوة الولاه؛ وإن أمكنهم نصره وتقوية يده كان تقليدهم جائزاً حتى لا يتغالبوا على الحقوق إذا اجتمع على تقليده جميع أهل الاختيار منهم.
فرع آخر
لا يعتبر [٦٦/ أ] في تقليد الإمام اجتماع أهل الاختيار كلهم بخلاف القضاء في المسألة التي ذكرناها؛ والفرق أن ولاية الإمام عامة في جميع البلاد التي لا يمكن اجتماع أهلها على الاختيار سقط اعتبار اجتماعهم لتعذره؛ وولاية القاضي خاصة على بلدٍ واحدٍ يمكن اجتماع أهل الاختيار عليه؛ فلزم اعتبار اجتماعهم لإمكانه.
فرع آخر
لو قلده القضاء بعض أهل الاختيار منهم نظر في باقيهم؛ فإن ظهر منهم الرضا بالسكوت وعدم الاختلاف صح التقليد؛ وصار بالرضا كالمجتمعين عليه؛ لأنه يمكن يباشر جميعهم وإن ظهر منهم الإنكار بطل التقليد لعدم شرطه في الإجماع.
فرع آخر
لو كان للبلد جانبان فرض بتقليد أحد الجانبين دون الآخر صح تقليده في الجانب المرتضى فيه دون الجانب الآخر؛ لأن تميز الجانبين كتميز البلدين.
فرع آخر
إذا صحت ولايته في هذه المسألة نفذت أحكامه طوعاً وقصراً لانعقاد ولايته؛ فإن تجدد بعده إمامٌ لم ينقض له حكماً نفذ على الصحة وله عزله وإقراره؛ ولم يجز للقاضي أن يستأنف النظر إليه بعد إذنه؛ ولو كان تقليده عن إمام لم يلزمه الاستئذان؛ والفرق وجود الضرورة في تقليد أهل الاختيار وعدم الضرورة في تقليد الإمام.