هذا القاضي في هذه المسألة يكتفي بإذن الإمام عن تجديد تقليد ويقوم الإذن له مقام التقليد، وإن لم يجز الاقتصار علي الإذن في الولايات المستحدثة؛ لأنه تقدم لهذا القاضي شروط التقليد، فكلن حكمه أخف، ذكره في "الحاوي".
فرع آخر
قال الشافعي-رضي الله- عنه في"أدب القضاء": "ولو أن القاضي والقاسم والكاتب للقاضي وصاحب الديوان [٦٦/ب] وصاحب بيت المال والمأذونين لم يأخذوا جعلاً وعملوا محتسبين كان أحبَّ إليَّ، وإن أخذوا جعلاً لم يحرم عليهم عندي، وبعضهم بالجعل من بعضٍ، وما منهم من أحدٍ كان أحبَّ إليَّ الجعل من المؤذن".
ثم قال:"ولا بأس أ، يأخذ الجعل علي أن يكبل للناس ويزن لهم ويعلمهم القرآن والنحو، وما يتأدبوا به من الشعر مما ليس فيه مكروه".
قال أصحابنا: إنما استحب الشافعي ترك الجعل لمن له كفاية يرجع إليها ويكتفي بها؛ لأن من الناس من قال: لا يجوز ذلك، فاستحب الخروج من الخلاف. فأما من له كفاية يرجع إليها فالمستحب أن لا يأخذ الرزق وبرر علي ما يحتاج إليه فيما يلتبس به في أمر القضاء والحكم، إلا أن أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- أخذ في كل يوم درهمين من بيت المال، وروي أنه لما ولي الخلافة خرج برزمةٍ إلي السوق، فقيل له: ما هذا؟ فقال: أنا كاسب أهلي، فاجتمعت الصحابة وقدَّروا له درهمين في كل يوم. وروي عن عمر- رضي الله عنه- أنه قال: أنزلت نفسي من هذا المال منزلة وإلي اليتيم، ومن كان غنياً فليستعفف، ومن كان فقيراً فليأخذ بالمعروف.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من استعملناه منكم علي عملٍ ممن لم يكن له امرأة فليتزوج امرأة، ومن لم يكنن له خادم فليتخذ خادماً، ومن لم يكنن له مسكن فليتخذ مسكناً".
وروي عن عمر- رضي الله عنه- أنه بعث إلي الكوفة ثلاثة نفر؛ عبد الله بن مسعود قاضياً، وعمار بن ياسر أميراً، وعثمان بن حنيف ماسحاً، وجعل لهم كل يوم شاةً، نصفها مع السواقط لعمارٍ، والنصف الآخر بين عبدا لله بن مسعود وبين عثمان بن حنيف
وروي عن عمر- رضي الله عنه- أنه رزق شريحاً [٦٧/ أ] كل شهر مائة درهم، فلما أفضت الخلافة إلي علي - رضي الله عنه- جعل رزقه كل سنةٍ خمسمائة درهم.
وروي أن عمر بن عبد العزيز بعث يزيد بنأبي مالكٍ، والحارث بن محمد في أمرٍ