للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع آخر

إذا دخل البلد، فإن شاء قصد أوسع موضع في البلد من جامع أو رحبة مسجد أو غيرها، ويجمع الناس ويقرأ عليهم العهد، فإن كان معه شهود شهدوا بما في الكتاب، وإن شاء نزل في منزلٍ ثم أمر منادياً: ألا إن فلان ابن فلان قد ورد قاضياً في يوم كذا، ويريد أن يخرج إلي موضع كذا في يوم كذا لقراءة عهده، فمن أحب أن يحضر فليحضر إن شاء الله. فإن كان بلداً كبيراً أمر بالنداء يومين أو ثلاثة، وإن كان صغيراً أمر بالنداء يوماً واحداً.

فرع آخر

قال في "الأم": "وينزل متوسط المصر" وإنما قال ذلك ليكونن قريباً إلي الجميع، فإنه إذا نزل في طرفٍ بعد قصده عن قوم وقرب علي آخري، [٧٠/ب] ثم بدأ واستحضر الناس وسألهم في الباطن عليه الخير سأل عنه في العلانية كما عدلوه في السر، وقد ثبت عنه غيرهم، وإن كان قد بدأ وسألتهم في العلانية فقد ترك المستحب، فإذا فعل ذلك فمن عدل سأل عنه في الباطن، فإن جرحوه وقالوا توقينا لسانه وشره في العلانية قبل جرحهم ولا يفسقون بذلك.

وقال "الحاوي": أول آدابه إذا ورد بلد عمله أن يعلمهم قبل دخوله بوروده قاضياً فيه، إما بكتاب أو رسولٍ ليعلم ما هم عليه من موافقةٍ واختلاف، فإن اتفقوا علي طاعته دخل، وإن اتفقوا على مخالفته توقف واستطلع رأي الإمام.

والأولي أن يستصحب القاضي كتاب الإمام إلي أمير البلد بتقليده القضاء حتى يجمعهم علي طاعته جبراً إن خالفوا، فإن وافقه بعضهم اعتبر الأكثر، فإن كان موافقوه أكثر عدداً من مخالفيه وأقوي يداً دخل، وإن كان مخالفوه أكثر توقف، وعلي الإمام رد مخالفيه إلي طاعته ولو بقتالهم حتى يذعنوا له بالطاعة، ويعنيه فيما ينفذ أمره فيهم ويبسط عليهم ليقدر علي الانتصاف ن القوي للضعيف، ومن الشريف للمشروف، ثم ينادي في البلد بوردة إن اتسع الوقت ليعلم به الداني والقاصي، والخاص والعام، والصغير والكبير، فيكون أهيب في النفوس وأعظم في القلوب.

وإذا دخل يسكن وسط البلد علي ما ذكرناه، ويحتاج أن يبدأ بقراءة عهده قبل نظرة؛ ليعلم الناس ما تضمنه من حدود عمله [٧١/أ] ومن صفة ولايته في عموم وخصوص، ويجمع الناس لقراءته في أفسح بقاعه من جوامعه ومساجده؛ لأنه يتضمن طاعة الله تعالي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم ينظر بعد قراءته في حكومةٍ ولو بين.

<<  <  ج: ص:  >  >>