للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشعبي قال: رأيت عمر - رضي الله عنه مستنداً إلي القبلة يقضي بين الناس.

ودليلنا ما روي أنر سول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد، فقال: "لا وجدها، إنما بنيت المساجد لذكر الله وإقامة الصلاة"، وروى أنه قال: " أيها الناشد غيرك الواجد". وروي أبو هريرة- رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله إليك، فإن المساجد لم تبن لهذا". وروي أنس - رضي الله عنه- في خبر الأعرابي: إنما هي- يعني المساجد- لذكر الله والصلاة، وقراءة القرآن.

ووجه الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم منع رفع الصوت لطلب الضالة في المسجد، ونحن نعلم أن رفع الأصوات والخصومات والمهاترات [٧٩/ب] في مجلس القضاء أكثر، فكان بالكراهة أولي. وروى معاذ- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم، ورفع أصواتكم وسل سيوفكم، وإقامة حدودكم، وجمهروها في الجمع، واتخذوا علي أبواب مساجدكم مطاهر".

وروي أن عمر بن عبد العزيز كتب إلي عبد الحميد بن زيد: لا تقضي في المسجد فإنه يأتيك اليهودي والنصراني والحائض. وروى أنه كتب إلي القاسم بن عبد الرحم بمثل ذلك.

وقال سعيد بن المسيب: لو كان لي من الأمر شيء ما تركت اثنين يختصمان غي المسجد. وأيضا فسبيل الحاكم أن يجلس في موضع يصل إليه الطاهر والخائض، والمجنون، والصغير، والمشترك والمسجد يصان عن ذلك، وربما يتوجه الحد علي رجل فلا يمكن إقامته فيه، ولأن الغالب من المتخاصمين اللغط والتكاذب واللجاجة والشتائم، وينزه المسجد عن ذلك. وأما خبرهم فلا حجة لهم فيه؛ لأنه يحتمل أن يكون عن اتفاق مقع، وقد قال أصحابنا: لو كان في المسجد معتكفاً أو منتظراً للصلاة، فتحاكم اثنان لا يكره بينهما، وقد قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة في المسجد علي هذا الوجه. وهذا لأن حضوره في المسجد لم يكن مقصوراً علي القضاء فيه.

وروي عن الحسن البصري أنه قال: دخلت المسجد فرأيت عثمان - رضي الله عنه- قد ألقي رداءه ونام، فأتاه سقا بفربةٍ ومعه خصم، فجلس عثمان [٨٠/أ] رضي الله عنه (وقضى) بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>