للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواحد لا يثبت به شيء، إذ لو ثبت عند خلوه عن معارض لثبت وإن عارضه ضده، كما لو جرحه اثنان وعدله عشرة كان الجروح أولى بالإجماع. وأما قوله: إنه لا يعتبر فيها لفظ الشهادة لا تسلم؛ لأنه لا يقبل الجرح والتعديل إلا بلفظ الشهادة.

ثم إذا بعت اثنين للمسألة يخفي عن كل واحد منهما ما دفعه إلى صاحبه، ويوصي كل واحد منهما بإخفائه لئلا يتواطئا على شيء واحدٍ بالرشوة، ثم ينظر فإن اتفقا على الجرج أو التعديل عمل عليه.

وإن اختلفا فجاء أحدهما بالتعديل والآخر بالجرح، قال الشافعي: "أعادهما مع غيرهما"، قال أصحابنا: أما إعادتهما فلأن أحدهما لا محالة مقصر في النظر؛ لأنا لا نعلم أن الرجل الواحد لا يكون عدلاً فاسقاً. وأما ضم غيرهما إليهما فلأنهما ربما يختلفان في المرة الثانية كما اختلفا في المرة الأولي، فلا يمكن تنفيذ الحكم مع اختلافهما، فإذا ضم إليهما غيرهما يرجى تزكية المزكيين فيردهما. ثم ينظر فإن عاد الآخران بالتعديل فقد ثبت التعديل بثلاثة أنفس فعمل عليه. وإن عاد أحدهما بالتعديل والأخر بالجرح فقد ثبت واحد منهما باثنين، فيكون الجرح أولى من التعديل، وإن عاد أحدهما بالتعديل والآخر توقف فيه، فإن التعديل قد ثبت. وإن عاد أحدهما بالجرح وتوقف الآخر" فإن [١٦٤/ أ] الجرح قد ثبت، ولو عدل رجل بشاهدين وجرحه آخران، قال الشافعي: "الجرح أولى"، لأن التعديل على الظاهر والجرح على الباطن لزيادة العلم مع الجارح.

فرع

لا يجوز أن يقبل تعديل الولد للوالد. وقال أبو جنيفة: يقبل، ودليلنا أنه إثبات حكم على خصم بقول غيره فلا يجوز من الوالد.

فرع آخر

لا يقبل التعديل من المرأة خلافا لأبي حنيفة حنيفة، لأن شهادتها لا تقبل فيما لا يقصد فيه المال ويطلع عليه الرجال.

فرع آخر

إذا ثبت أنها شهادة محضة اختلف أصحابنا في أن القاضي يحكم في تعديلهم وجرحهم بأصحاب مسائلة وبمن عدلهم وجرحهم من جيرانهم وأهل الخبرة بهم على وجهين:

أحدهما: أن أصحاب مسائلة هم الشهود عنده بالتعديل والجرح وهم المتحملون عن الجيران وأخل الخبرة ما ذكره من التعديل والجرح، وهذا ظاهر مذهب الشافعي رضي الله عنه وقول الأكثرين من أصحابة، فعلى هذا يجوز أن يكون ما يسمعه أصحاب المسائل من الجيران بلفظ الخير؛ لأن الشهادة مختصة بالحكام، ولا يعتبر فيهم العدد ويعتبر أن يقع في نفوس أصحاب المسائل صدق المخبر فيما ذكره من تعديل وجرح،

<<  <  ج: ص:  >  >>