للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن مالك روايتان في هذا، وكان أحمد بن حنبل لا يرى به بأسًا، وروي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنه.

فَرْعٌ آخرُ

إذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا مصليًا فأجابه بالكلام لم تبطل صلاته، لأن إجابته في الصلاة واجبة. والواجب فيها لا يبطل الصلاة كالقراءة. قال الله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: ٢٤]. [١٠٨ ب/ ٢] وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلم على أبي بن كعب، وهو يصلي فلم يجب، فخفف الصلاة، ثم انصرف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: السلام عليك يا نبيّ الله، وقال: "وعليك السلام ما منعك أن تجييني إذ دعوتك؟ " فقال: كنت أصلي، فقال: "أفلم تجد فيما أوحي إليّ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}؟ فقال: بلى يا رسول الله لا أعود".

فَرْعٌ آخرُ

إذا رأى المصلي أعمى يتردى في بئر أو صيبًا يقع في نار، يلزمه أن يصبح به، وينذره وإذا فعل ذلك، حكى الدارمي عن أبي إسحق أنه قال: لا تبطل صلاته.

وقال سائر أصحابنا: بطلت صلاته لأن الوقوع غير متحقق، وليس كذلك لدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإنه أمرٌ متحقق وهذا لا يصحّ، لأن هذا التوهم لا يمنع الوجوب فلا تمنع منه الصلاة، وهذا أظهر، وإن أخرج زكاته في الصلاة بطلت صلاته، لأن إخراجها لا يتعين عليه في الصلاة، وإن كان واجبًا.

فصل

في النواهي في الصلاة

روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن القِران في الصلاة" وأراد والله أعلم القران بين أذكارها كالقران بين الإحرام والتوجه، وبين التوجه والاستعاذة، والقراءة والتكبير. وما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن الشكال في الصلاة"، ومعناه أن يلصق إحدى رجليه بالأخرى. وما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كره الشكال في الخيل" أراد أن يكون ثلاث قوائم منه محجلة وواحدة مطلقة. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى أن يصلي الرجل مختصرًا".

قال أبو عبيد: "هو أن يضح يديه على خصره في الصلاة". وروي أنه "نهى عن الاختصار في الصلاة"، ومعناه ما ذكرنا. ويقال: إن هذا من فعل اليهود. وروي في بعض الأخبار: أن إبليس - لعنه الله - أهبط إلى الأرض كذلك، وهو فعل أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>