للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للاعتداد به، وهذا الذي اعتبره من زمان وقوع الطلاق بعد التلفظ به لا يتميز في التصور، لأنه واقع باستيفاء لفظه لم يحتج بعده إلى زمان تحيض به، وصار محدوداً بزمانين زمان التلفظ بالطلاق وزمان الاعتداد، ولا فرق بين أن يكون هذا الطهر جامعاً فيه أو لا، وإن كان الطلاق محرماً إذا جامعها فيه.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: إذا كان جامعها في هذا الطهر لا يحتسب به، لأنه زمان حرم فيه الطلاق فلا يحتسب ببقيته من العدة كزمان الحيض، وهذا غلط لأنا لو قلنا هكذا لأدى إلى أن يصير الطهر أربعاً وتطول عدتها به فلا يجوز، ولأنه طهر يجب الطلاق فيحتسب به كما لو لم يجامعها فيه.

وأما ما ذكره لا يصح؛ لأن تحريم الطلاق في الحيض إنما كان لأنه لا يحتسب ببقيتها فلا يجوز أن تحصل العلة في عدم احتساب العدة تحريم الطلاق، والطلاق يحرم في الطهر الذي جامعها فيه؛ لأنها تكون مرتابة لا تعلم بأي شيء تعتد به فافترقا، ولو فرغ من حروف الطلاق واتصل بها الحيض أو قال: أنت طالق في آخر جزء من أجزاء طهرك، فالطلاق محرم ويلزمها أن تعتد بعدة بثلاثة أقراء كوامل. نص عليه في "الأم" وهو ظاهر ما ذكر ههنا؛ لأنه شرط أن يكون حيضها بعدة طرفة عين.

وحكي عن ابن سريج أنه خرج فيه بوجهين:

أحدهما: ما ذكرنا (ق ٤٥ ب).

والثاني: أنه طلاق مباح ويحتسب بذلك الجزء قرءاً، فيكون وقع الطلاق وحصول القرء في زمان واحد، كما لو قال: أعتق عبدك عني فاعتقه يقع العتق والملك في زمان واحد، والمذهب الأول؛ لأنه يستحيل أن تكون معتدة قبل وقوع الطلاق. فأما ما ذكره لا يصح لأنه يقع الملك عندنا أولاً، ثم يعتق عقبه. وقال القفال، قال الشافعي في كتاب الرسالة: القرء اسم للانتقال من الطهر إلى الحيض إلى الطهر.

فإذا قلنا: القرء الانتقال حصل لها قرء في هذه المسألة للانتقال ويكون طلاقاً سنياً، كما قال ابن سريج في أحد الوجهين، وهذا غير صحيح لأنه ذكر في كتاب الرسالة عن أهل اللغة ولم يرد به أن المراد بالقرء المذكور في الآية الانتقال، ولو قال: أنت طالق في آخر جزء من أجزاء حيضك فيه وجهان:

أحدهما: أنه محظور لأنه واقع في زمان الحيض وهذا هو الصحيح.

والثاني: أنه مباح لأنه طلاق يتعقبه طهر معتد به.

قال هذا القائل: إذا كان الطلاق في المسألة السابقة محصوراً؛ لأنه يتعقبه حيض ففي هذه المسألة وجب أن يكون مباحاً؛ لأنه يتعقبه طهر، ومن نصر الوجه الأول أجاب عن هذا بأن الطلاق المجرد في حال الحيض لا يكون إلا محصوراً، فلم يجز أن يحكم بإباحة هذا الطلاق، وقد يكون الطلاق في الطهر محصوراً وهو في الطهر المجامع فيه فجاز أن يحكم بحظر هذا الطلاق، ولو اختلفا فقال الزوج: انقضت حروف الطلاق مع

<<  <  ج: ص:  >  >>