للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقل منها لجعلناه طهراً ولكن لم يوجد وجوداً معتاداً، والعادة أن تتكرر مراراً ومن جماعة النساء مرة واحدة، وقال الداركي: سمعت أبا إسحاق يقول: إذا تكرر مرتين فقد صار معتاداً، وقال مرة أخرى: إذا تكرر ثلاث مرات ولا يختلف المذهب أنه لا يثبت ذلك بمرة واحدة.

وقال الداركي: (ق ٤٧ ب) اعتبار الثلاث أولى وأصح، فإذا وجد متكرراً ثلاث مرات في امرأة واحدة من غير مرض ولا عارض، أو وجد مرة واحدة من نساء أقلهن ثلاث نسوة تثبت العادة، وإن ادعت امرأة بعد ذلك أنها رأت أقل من خمسة عشر يوماً صدقناها وجعلناه طهراً صحيحاً، ولكن لم يثبت بعد فلا يقبل فيه قول معتدة بحال، فإن تفرق ذلك في امرأة واحدة ولم يتوال لا تصير عادة، وإذا وجدة مرة واحدة من ثلاث نسوة هل يراعى أن يكون ذلك في فصل واحد من عام واحد؟ وجهان:

أحدهما: يراعى وجود ذلك منهن في فصل واحد في عام واحد، فإن اتفق عليه فصلين في عام واحد أ, فصل واحد في عامين لم تصر عادة معتبرة، ليكون اختلاف طباعهن مع اتفاق زمانهن شاهداً على صحة العادة احتياطاً لها.

والثاني: لا يعتبر ذلك وإن اختلفت في الفصول والأعوام جاز وصار عادة، ليكون أنفي للتواطؤ وأبعد من التهمة، ولا يقبل ذلك إلا من نساء ثقات تقبل شهادتهن لما فيه من إثبات حكم مرعى، ولا يقبل خبر المعتدة معهن في حق نفسها لتوجه التهمة إليها وفي قبوله في حق غيرها وجهان:

أحدهما: لا تقبل لرده بالتهمة.

والثاني: تقبل لأنها ثقة.

فإن قيل: قلتم في الحيض تثبت عادة المرأة في الحيض بمرة أو مرتين، وههنا تعتبرون ثلاث مرات فما الفرق؟ قيل: الفرق أن تلك عادة المرأة التي تعتبرها في تمييز حيضها من استحاضتها، واعتبار حكمها في نفسها دون غيرها، فقلنا: رد إلى مقدار الدم الذي رأته مرة أولى من اعتبار أقل الحيض، أو اعتبار غالب عادة نساء بلدهم، وههنا نريد أن نعرف عادتها ليثبت به (ق ٤٨ أ) حكمها وحكم سائر النساء في مقدار أكثر الحيض وأقله فكان حكمه آكد وأغلظ، فاعتبرنا التكرار فيه.

وقال القفال: هذا الذي ذكره الشافعي ههنا من أقل الطهر لفظ في غاية الإطلاق، ولا يدل على أن الشافعي لم يحكم بأقل الطهر وأحال على ما سيوجد، بل أراد أنا لو كنا وجدنا فيما مضى عادة جارية في بعض النساء وجدنا فيه قول متقدم لقلنا به، ولكنا لم نجد ذلك والإجماع إذا انعقد على شيء لم يجز الاعتراض عليه، وقد استقرت العادة فيه على خمسة عشر إلى يومنا هذا والله تعالى ما أجرى العادة بتبديلها وتغييرها فاستقر الإجماع والأحكام عليها، ولو جاز أن يقال بهذا القول في الطهر جاز أن يقال في أكثر الحيض وأقله مثل هذا. وكان الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني يقول: إذا استقرت عادة

<<  <  ج: ص:  >  >>