للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمْلَهُنَّ} [الطّلَاق:٤] قلنا: هذه الآية إما أن تكون واردة في المطلقات فلا حجة له فيها, وإن كانت عامة لا يدعى عدمها إلا فيما يجوز أن يكون مقصودًا بها وهو الحمل الذي يكون من الزوج, وهذا الحمل ليس من هذا الزوج بالإجماع فكيف يجوز دعوى عمومها في مثل هذا المحل.

فإذا تقرر هذا فإن كان الحمل مجهولًا يحمل على أنه من زنى فلا حكم له, فإن مضت أربعة أشهر وعشر قبل الولادة, فقد انقضت عدتها.

فإن قيل: لو تزوجت المطلقة في عدتها فوطئها الثاني فحملت منه لا تُحتسب أقراءها من الأول وتكون العدة من الثاني, فإذا وضعت وانقضت أيام النفاس رجعت فأتمت عدة الأول, وقلتم ههنا تحتسب بالأشهر في عدة الزوج في حال الحمل من غيره فما الفرق؟ قلنا: اختلف أصحابنا في الجواب عنه, فمنهم من قال: المغلب في عدة المطلقة الاستبراء من ماء الأول في حال اشتغال رحمها بماء غيره بخلاف عدة الوفاة, فإن المغلب فيها التعبد فلم يمنع الحمل من زنى الاحتساب بالأشهر التي تمر بها من عدتها, وعلى هذا إذا وجبت عليها عدة الوفاة فتزوجت في العدة ووطئها الثاني وحملت منه تكون العدة من الثاني بالحمل وتحتسب بالأشهر من الأول. وبه قال أبو إسحاق.

ومن أصحابنا من قال: تأويل المسألة أن الحمل كان من زنى فلم يمنع انقضاء العدة من الصبي بالأشهر, وعلى هذا لو زنت في عدة الطلاق فحبلت لم يمنع ذلك انقضاء العدة [ق ٥٥ ب] بالأقراء, ولو تزوجت في حال عدتها من موت الصبي أو وطئت بالشبهة فحبلت لم يتداخلا ويلزمها أن تعتد من الواطئ, ثم ترجع إلى عدة الأول فتلك أربعة أشهر وعشر كما قلنا في عدة الطلاق, ولا فرق بينهما, وهو اختيار أبي حامد.

فإن قيل: إذا ولدت الملاعنة انقضت عدتها, وإن كان الولد متفيًا عن الزوج فيجب أن تنقضي عدتها بوطئة من الصبي, وإن كان الولد منفيًا عنه. قيل: ولد الملاعنة غير منفي عنه قطعًا؛ لأنه لو أقرّ به لحقه وهذا الولد منفي عنه قطعًا ويقينًا فافترقا في حكم العدة.

واعلم أن في لفظ الشافعي إشكالًا وذلك أنه قال: "وَلَوْ مَاتَ صَبِيٌ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ".

وهذا يوهم أن الاعتبار بفعل الجماع والتمكين منه وليس كذلك؛ لأن الصبي ربما يقوى على الإيلاج وهو ابن ثمان بلا إنزال المني فلا يلحق به النسب ولا تعتد امرأته بالحمل ومراد الشافعي هذا.

مسألة:

قَالَ: "وَإِنْ كَانَ حَيْضًا أَوْ مَجْنُونًا بَقِيَ لَهُ شَيْء يَغِيبُ فِي الفَرْجِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>