للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغت حال الحيض، وما ذكروه يبطل الإيمان والطهارة أيضًا، فإنه تجب لمس المصحف وفقدهما يبطل الصلاة، فإذا تقرر هذا، فالكلام الآن في قدر العورة، فهو من الرجل ما بين سرته وركبته، وليست السرة ولا الركبة منها. نص عليه في عامة كتبه. وبه قال مالك وأحمد في رواية وقال أبو حنيفة: الركبة من العورة. وبه قال عطاء، وهذا غلط لما روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "وما فوق الركبة من العورة وما أسفل السرّة من العورة".

وقال ابن عباس رضي الله عنه: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتزر تحت سرّته وتبدو سرّته ولقي الحسن بن علي أبو هريرة رضي الله عنهم، فقال: "أرني الموضع الذي قبله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع الحسن ثوبه فقبل سرّته"، ولأنها حدّ العورة فأشبهت السّرة.

واحتج بما روي أبو الخصوب عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الركبة من العورة". قلنا: أبو الخصوب لا يثبته أهل الأخبار فخبرنا أولى أو أراد استحبابًا. وحكى الداركي عن الترمذي أن الشافعي نصّ في موضع على أن السرّة والركبتين من العورة، وهذا لا يعرف في شيء من كتبه، ولكنه قول بعض أصحابنا.

وقال داود بن الجرير: العورة هي السوأتان: القبل والدبر من الرجل والمرأة. وروي ذلك عن أحمد، واحتج بما روت عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعاً في بيته كاشفًا عن فخده، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسوّى ثيابه، فدخل فتحدث، فلما خرج، قلت: يا رسول الله [١١٣ أ/ ٢] دخل أبو بكر، فلم تهتش له، ثم دخل عمر، فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"، فلو كان الفخذ عورة لغطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند دخول أبي بكر وعمر. وهذا غلط لما روى جرهد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "رآه في المسجد قد كشف عن فخذه، فقال: غطّ فخدك، إن الفخذ من العورة".

وروى الدارقطني بإسناده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال لعلي: "لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميت".

وأمّا ما روي عن عائشة رضي الله عنها قلنا: روي كاشفًا عن ساقيه، ويحتمل أن يكون الموضع المكشوف لم يكن من الناحية التي جلس فيها أبو بكر وعمر، ويحتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>