عليهم أبو بذوا عليها نقلوا ولم تنقل هي؛ لأنها أحق بسكنى منزل [ق ٨٧ أ] أبويها من أحمائها، وإن كانت في دارٍ أخرى لم تنقل إذا بذت عليهم، وإنما ذلك إذا كانوا في دارٍ واحدة على ما ذكرنا وإن كانت في دارٍ تملكها، فإن أقامت فيها بإجارة منه أو إعارةٍ جاز، وإن طلبت أن يسكنها في غيرها لزمه؛ لأنه ليس عليها أن يؤجر ملكها.
السكنى إذا وجبت على المطلق وكانت في منزل بكراءٍ، يجب الكراء على المطلق بلا إشكالٍ. وقوله:"وَفِي مَالِ الزَّوْجِ المَيِّتِ" قال بعض أصحابنا: أجاب بقوله للمتوفي عنها زوجها السكنى، وحمله المزني على هذا ثم اعترض عليه فقال: هذا خلاف قوله في "باب عدة الوفاة" فإن كلامه هناك يدل على أنه لا سكنى لها على ما ذكر، والعجب من المزني حيث قال: في باب عدة الوفاء: "هذا خلاف قوله في الباب الثاني" ثم لما جاء إلى الباب الثاني كرر الكلام فقال: "هذا خلاف قوله في باب عدة الوفاة، ولا فائدة في هذا، فإن له في المسألة قولين مشهورين.
ومن أصحابنا من قال: معنى قوله: "وَفِي مَالِ الزَّوْجِ المَيَّتِ" غير ما اعتقده المزني وإنما معناه أن الزوج المطلق إذا مات قبل انقضاء عدة الطلاق الثلاث فمكنا بالتمام عدتها في مال الزوج الميت، فنقول للمزني: الشافعي لم يتعرض في باب عدة الوفاة لذكر السكنى عند الوفاة ولا في هذا الفصل، وقد نسبه إلى اختلاف القول وتناقضه في هذين البابين، وإنما ذكر الشافعي القولين في سكنى الوفاة بعد هذا حيث قال: "وإن كانت هذه المسائل في موته ففيها قولان" [ق ٨٧ ب] وهذا يدل على أن ما قبله في المطلقة، وهذا ضعيف لأنه قال هناك: ففيها قولان، أحدهما: ما وصفت، فدل أنه أوجب السكنى للمتوفي عنها فلا يحسن أن يحمل على المطلقة.
إذا أوجبنا السكنى فإنما تجب سكنى مثلها في العرف، فإن كانت من أهل الأقدار رفيعة الحال كثيرة المال والخدام، أسكنها دارًا واسعة حسناء وإن كانت من أوساط الناس متوسطة الحال في المال والخدام، أسكنها دارًا متوسطةٍ. وإن كانت من أراذل الناس دنيئة دميمة، أسكنها دارًا ضيقة في طرف البلد أو في الخان، وهذا لأن الله تعالى