للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ آخرُ

لا حكم لعورة الأطفال دون السبع، فإذا بلغ الغلام عشرًا والجارية تسعًا كانا كالبالغين في حكم العورة، وتحريم النظر إليها، لأن هذا زمان يمكن فيه البلوغ فيغلظ حكم العورة وفيما بين التسع والعشر من الغلام والجارية يحرم النظر إلى فرجها ويحلّ فيما سواه.

مسألة: قال: "وأحب أن يصلي الرجل في قميص ورداء".

الفصل

وهذا كما قال: قد ذكرنا عورة الرجل، فيلزمه أن يصلي مستور العورة، ثم الكلام فيه في فصلين:

أحدهما: في الكمال.

والثاني: في قدر الجائز. فأما الكمال هو أن يصلي في ثوبين وقميص ورداء أو قميص وإزار أو قميص وسراويل لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحقّ من يزين له". فمن لم يكن له ثوبان، فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل اشتمال اليهود، وإن كان معه ثوب واحد اتزر به إذا كان ضيقًا، ويجعل على عاتقه شيء، وإن كان واسعًا التحف به، وخالف بين طرفيه على عاتقه كما يفعله القصّار إذا كان في الماء. والأصل في ذلك ما روى جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال له: "يا جابر إذا كان الثوب واسعًا، فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا فاشدده على حقوك"، وإنما قال كذلك في الثوب الواسع ليكون بمنزلة الإزار والرداء.

وروى أبو داود في "سننه" عن عمر بن أبي سلمة أنه قال: "رأيت النبي [١١٦ أ/ ٢]- صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد ملتحفًا به مخالفًا بين طرفيه على منكبيه".

وقال أحمد: لا يجزئه حتى يكون على عاتقه شيء لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء"، وهذا غلط، لأن هذا الموضع ليس بعورة، فلا يجب ستره. والخبر محمول على الاستحباب أو على أنه أراد: لا يتزر به في وسطه ويشد طرفيه على حقوه، ولكن يتزر به ويرفع طرفيه، فيخالف بينهما ويشده على عاتقه على ما بيّنا.

وأما اشتمال اليهود أن يجلل بدنه الثوب ويسلبه من غير أن يشيل طرفيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>