في أغلظ تحريم حتى قال ابن عباس: لأجل ما تضمنته هذه الآية من الوعيد أن توبة القاتل غير مقبولة، وتعلقاً بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما نازلت ربي في شيء كما نازلته في توبة قاتل العمد فأبى علي" وذهب من سواه إلى قبول توبته لقول الله تعالى: {والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالْحَقِّ}[الفرقان: ٦٨] إلى قوله: {إلاَّ مَن تَابَ} فاستثناه من الوعيد، فدل على قبول توبته.
فإن قيل: هذه الآية نزلت قبل الآية الأولى بستة أشهر فلم يجز أن تنسخ ما بعدها.
قيل: ليس فيها نسخ، وإنما فيها إثبات شرط، والشرط معمول عليه تقدم أو تأخر، فأما الخبر المحمول على المبالغة في الزجر لئلا يسارع الناس على القتل تعويلاً على التوبة منه، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم:"باب التوبة مفتوح" ما يقتضي حمله على هذا مع قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}[الشورى: ٢٥] وقول النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لم ينزع التوبة عن أمتي إلا عند الحشرجة" يعني وقت المعاينة.
وأما تحريم القتل بالسنة فروى أبو أمامة بن سهل عن عثمان، وروى مسروق عن ابن مسعود، وروى عكرمة عن ابن عباس، وروى عبيد بن عبيد بن عمير عن عائشة، كلهم يتفقون مع اختلاف الألفاظ على معنى واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأحدث ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زناً بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس".
وروى أبو سعيد الخدري وأبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقتيل فقال: من لهذا؟ فلم يذكر له أحد فغضب ثم قال: "والذي نفسي بيده لو تمالأ عليه أهل السماء والأرض لأكبهم الله في النار".
وروى ابن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكبائر أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يأكل معك". قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزني بحليلة جارك".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أعان على قتل امرئ مسلم ولو بشطر كلمة لقي