وروى حماد عن جابر عن الشعبي عن علي بن الحسين قال: أخرج أبي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه العقل على المؤمنين عامة ولا يترك مفرج في الإسلام، ولا يقتل مسلم بكافر.
والمفرج الذي لا يكون له قبيلة ينضم إليها فأمر أن يضم إلى قبيلة يضاف إليها حتى لا يكون مفرداً.
فدلت هذه النصوص كلها على أن لا يقتل مسلم بكافر.
فإن قالوا المراد بقوله: "لا يقتل بكافر" أي بكافر حربي، لأنه قال: "ولا ذو عهد في عهده" وذو العهد يقتل بالمعاهد، ولا يقتل بالحربي، ليكون حكم العطف موافقاً لحكم المعطوف عليه فعنه جوابان:
أحدهما: أن قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" يقتضي عموم الكفار من المعاهدين، وأهل الحرب فوجب حمله على عمومه ولم يجز تخصيصه بإضمار وتأويل، وقوله: "ولا ذو عهد في عهده" كلام مبتدأ أي: لا يقبل ذو العهد لأجل عهده، وأن العهد من قبله حقناً لدماء ذوي العهود.
والثاني: أن قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" محمول على العموم في كل كافر من معاهدي وحربي.
ولا ذو عهد في عهده محمول على الخصوص في أنه لا يقتل بالحربي، وإن قتل بالمعاهد لأنه ليس تخصيص أحد المذكورين موجباً لتخصيص الآخر.
ويدل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو كنت قاتلاً مسلماً بكافر لقتلت خداماً بالهذلي" ولو جاز قتله ببعض الكفار دون بعض غيره ولم يطلقه، ويدل عليه من طريق الاعتبار أن المسلم لما لم يقتل بالمستأمن لم يقتل بالذمي.
وللجمع بينهما ثلاث علل:
أحداهن: أنه منقوض بالكفر، فوجب إذا قتله مسلم أن لا يقاد به كالمستأمن.
والثانية: أن من لم يمنع دينه من استرقاقه لم يقتل به من منع دينه من استرقاقه كالمستأمن.
فإن قيل: هذا منتقض بالكافر إذا قتل كافراً ثم اسلم القاتل فإنه يقتل به، وإن كان مسلماً فعنه جوابان:
أحدهما: إن في شرط العلة إذا قتله مسلم، وهذا قتله وهو كافر، فلم تنتقض به العلة.
والثاني: أن التعليل للجنس فلا تنتقض إلا بمثله.
فإن قيل: المستأمن ناقص الحرمة، لأن دمه محقون إلى مدة بخلاف الذمي فإنه تام